ياء الإضافة منفصل، ولم يجروا المنفصل مجرى المتصل، ولا يجوز في عُطيّ إلا الحذف لأنه متصل (١).
ومعنى ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾ أي: الذي يتولى حفظي وتصرفي هو الله لا غيره، ﴿الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ﴾ يريد: القرآن، أي: أنه يتولاني وينصرني، كما أيدني بإنزال الكتاب (٢). ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [قال ابن عباس: (يريد: الذين لا يعدلون بالله شيئًا ولا يعصونه) (٣)، وفي هذا مدح الصالحين] (٤) بأن الله عز وجل يتولاهم بنصره فلا يضرهم (٥) عداوة من عاداهم، وفي ذلك يأس المشركين من أن يضره كيدهم ومكرهم. قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ الآية [الأعراف: ١٩٧] معنى هذه الآية قد مضى في مثلها من قوله: ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا﴾ [الأعراف: ١٩٢].
وإنما أعيد هذا المعنى لأن الأول مذكور على جهة التقريع، وهاهنا ذكر على جهة الفرق بين صفة من تجوز له العبادة ومن لا تجوز، كأنه قيل: إن ناصره الله ولا ناصر لكم ممن تعبدون (٦).

(١) ما تقدم قول أبي علي في "الحجة" ٤/ ١١٦ - ١٢٠، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٤٣٢، و"إعراب القراءات" ١/ ٢١٧، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٦٨، و"البحر" ٤/ ٤٤٦، و"الدر المصون" ٥/ ٥٤٢.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ١٥٢، و"إعراب النحاس" ١/ ٦٥٩، والسمرقندي ١/ ٥٨٩.
(٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٨٦، والبغوي ٣/ ٣١٥ - ٣١٦، والخازن ٢/ ٣٢٧.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (ولا يضرهم).
(٦) انظر: "تفسير الرازي" ١٥/ ٩٥، والخازن ٢/ ٣٢٧، وقال ابن عطية ٦/ ١٨٤: (إنما كرر لأن أمر الأصنام وتعظيمها كان متمكنًا من نفوس العرب في ذلك الزمن ومستوليًا على عقولها فأوعب القول في ذلك لطفًا من الله تعالى بهم) اهـ.


الصفحة التالية