وهو قول الحكم (١) والسدي، قالا: (﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ من قبل الحق؛ أصدهم (٢) عنه وأشككهم فيه، ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ من قبل الباطل أخففه (٣) عليهم، وأزينه لهم، وأرغبهم فيه).
وقال (٤) في رواية العوفي: (أما ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ فمن قبل حسناتهم، وأمما ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ فمن قبل سيئاتهم).
وهو قول قتادة، قال: (﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ من قبل حسناتهم بَطَّأَهم عنها ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله) (٥).
قال أبو بكر: (وقولُ من قال: (الأيمان كناية عن الحسنات، والشمائل كناية عن السيئات) حسنٌ؛ لأن العرب تقول: اجعلني في يمينك، ولا تجعلني في شمالك، يريد اجعلني من المقدمين عندك،

(١) سبق تخريجه عن الحكم والسدي.
(٢) في (ب): (اصدقهم)، وهو تحريف.
(٣) في (ب): (أحققه)، وهو خلاف ما في المصادر.
(٤) أي ابن عباس من طريق عطية العوفي. وقد سبق تخريجه. وأيضًا أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٣٦ بسند جيد عن علي بن أبي طلحة.
(٥) سبق تخريجه، وذكر النحاس في "معانيه" ٣/ ١٦ - ١٨ نحوه عن الحكم بن عتيبة. وقال: (هذا قول حسن وشرطه أن معنى ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ من دنياهم حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار والأمم السالفة ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ من آخرتهم حتى يكذبوا بها، ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ من حسناتهم وأمور دينهم، ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ﴾ [الصافات: ٢٨] ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ يعني: سيئاتهم أي: يتبعون الشهوات لأنه يزينها لهم) اهـ.


الصفحة التالية
Icon