٢٧ - قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾، قال ابن عباس: (يريد: لا يخدعنكم)، وعنه أيضًا: (لا يضلنكم) (١).
وقوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ﴾، المعنى: كما فتن أبويكم، لكنه ذكر معنى فتنة الأبوين وهو إخراجهما من الجنة دون لفظ الفتنة.
وقوله تعالى: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾، أضاف نزع اللباس إلى الشيطان وإن لم يتول ذلك لأنه كان بسبب منه فأسند إليه، كما تقول: أنت فعلت هذا لمن حصل منه ذلك الفعل بسبب وإن لم يباشره، كذلك لما كان نزع لباسهما بوسوسة الشيطان وغروره أُسند إليه (٢).
وقوله تعالى: ﴿لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾، قال ابن عباس: (يرى آدم سوءة حواء، وترى حواء سوءة آدم) (٣) واللام في ﴿لِيُرِيَهُمَا﴾ لام المصير (٤) كما ذكرنا في قوله: ﴿لِيُبْدِىَ لَهُمَا﴾ [الأعراف: ٢٠].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ﴾ يعني: إبليس ﴿هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ أعاد الكناية ليحسن العطف (٥) كقوله ﴿اُسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ﴾ [البقرة: ٣٥] وقد مضت هذه المسألة (٦) في مواضع. وأما القبيل فقال أبو عبيد عن أبي زيد: (القَبِيل (٧)

(١) ذكرهما الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٠.
(٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ٥/ ٤٧٦، وابن الجوزي ٣/ ١٨٤.
(٣) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٤/ ٥٣، وفي "تنوير المقباس" ٢/ ٨٧ نحوه.
(٤) انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٠٧.
(٥) ذكر قول الواحدي السمين في "الدر" ٥/ ٢٩٢، وقال: (لا حاجة إلى التأكيد في مثل هذه الصورة لصحة العطف إذ الفاصل هنا موجود، وهو كاف في صحة العطف، فليس نظير ﴿اُسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ﴾) اهـ.
(٦) انظر: "البسيط" البقرة: ٣٥.
(٧) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٨٧٦، وانظر: "الجمهرة" ١/ ٣٧٢، و"المنجد" لكراع ص ٣٠٣، و"الصحاح" ٥/ ١٧٩٧، و"المجمل" ٢/ ٧٤١ (قبل).


الصفحة التالية
Icon