وجعل من يخادع نفسه بمنزلة خداعه لغيره" (١). ومن حذف الألف جعله من باب خدع يخدع وخدعه فانخدع له (٢).
ويرى بعض العلماء أن القراءة بغير ألف أقوى، لأن (الخداع) فعل قد يقع وقد لا يقع، والخدع فعل وقع بلا شك فإذا قرأت "وما يخدعون" أخبرت عن فعل وقع بهم بلا شك وكذلك إذا قرأت "وما يخادعون" جاز أن يكون لم تقع بهم المخادعة، وأن تكون قد وقعت وبالتالي " يخدعون" أمكن في المعنى (٣).
وأنا أرى صعوبة في التفضيل والترجيح، إذ إن كلتا القراءتين قرأ بهما الرسول - ﷺ - والصحابة رضوان الله عليهم وجمع غفير من العلماء.
قوله تعالى: ﴿يُكَذِّبونَ﴾، ﴿يَكْذِبُونَ﴾ [١٠]
قرأ ورش بتشديد الذال وضم الياء، وقرأ حفص بفتح الياء وتخفيف الذال (٤).
فأما قراءة حفص بالتخفيف فتعني أن المنافقين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، ولذلك كانوا كاذبين (٥).
وأما قراءة ورش بالتثقيل فتعني أنهم كذَّبوا الرسول - ﷺ - فهو فعل متعد (٦)، وقال المهدوي: القراءة بالتشديد أقوى وأبلغ، لأنها تجمع بين التكذيب والكذب، ولأن من
_________
(١) - ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج١/ ١٢.
(٢) - ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج١/ ١٤.
(٣) - المهدوي، شرح الهداية. ،ج١/ ١٥٤. وباز مول، القراءات وأثرها في التفسير والأحكام. ج١/ص٤٠٣.
(٤) - الداني، التيسير في القراءات السبع. ص٢٢٥. وابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص١٤٣.
(٥) - ابن إدريس. الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج١/ ١٤.
(٦) - أبو حيان، البحر المحيط. ،ج١/ ١٩٠. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج١/ص١٢٩.


الصفحة التالية
Icon