المبحث الثالث نشأة علم القراءات
أنزل الله - سبحانه - القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وكان آخر الكتب السماوية نزولاً، وتكفل الله بحفظه من التغيير والتحريف بخلاف غيره من الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل، فقال عز وجل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [سورة الحجر: ٩].
وقد تحقق وعد الله تعالى بحفظ كتابه الكريم من خلال جملة من الإجراءات تمثلت فيما يأتي:
١ - تلقى النبي ﷺ القرآن من جبريل - عليه السلام- وكان النبي ﷺ حريصاً على حفظ ما يوحي به جبريل-عليه السلام- إليه، خشية أن ينسى شيئاً منه، بل إنه ليتعجل حفظه ويبادر إلى أخذه ويسابق الملَك في قراءته، حتى نزل قول الله - سبحانه ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [سورة القيامة: ١٩]، وتكفل بأن يجمعه له في صدره وأن يُيَسِّره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: "كان رسول الله ﷺ إذا نزل عليه الوحي يلقى منه شدة، وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه يتلقى ويحرك به شفتيه، خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره. فأنزل الله -عز وجل- عليه هذه الآيات" (١).
٢ - معارضة القرآن مع جبريل -عليه السلام- في كل عام، حيث كان جبريل ينزل إلى
_________
(١) - السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن. لباب العقول في أسباب النزول. بيروت -لبنان، دار إحياء العلوم (رقم الطبعة وسنة النشر غير معروفة)، ج١/ص٢٢٤. وابن كثير. إسماعيل بن عمر. تفسير القرآن العظيم. ، بيروت -لبنان، دار الفكر، (رقم الطبعة غير معروفة) ١٤٠١هـ، ج٤/ص٤٥٠.