وأما علم القراءات فهو علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وطريق أدائها اتفاقاً واختلافاً، مع عزو كل وجه إلى ناقله (١).
من خلال التعريفين السابقين لكل من القرآن والقراءات، يتضح بأن بينهما فرقاً ظاهراً، فالقرآن الكريم كلام الله المنزل كما سبق في التعريف، والقراءات: كيفيات أداء هذه الكلمات القرآنية بتعليم الوحي للنبي ﷺ كما ورد في الآثار السابقة، فالقراءات كيفيات قراءة القرآن المنزلة على النبي ﷺ التي علمها جبريل -عليه السلام-.
وقال الدكتور أحمد محمد مفلح القضاة معقباً على رأي الزركشي:"وهذا الإطلاق من الإمام يفيد كون القرآن والقراءات شيئين متغايرين مختلفين مطلقا من كل وجه، وهو إن كان يقصده الإمام فليس بصواب، لأن القراءات الصحيحة المتواترة التي تلقتها الأمة بالقبول ما هي إلا جزء من القرآن الكريم، فبينهما ارتباط وثيق، وهو ارتباط الجزء بالكل (٢).
وأقول: إن القراءات القرآنية هي كيفيات قراءة القرآن الكريم، فأي فرقٍ بين الشيء وماهيته، أو بين الشيء وكيفيته، فهما في الحقيقة سواء.
القراءات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
اهتم الرسول ﷺ بتلقين الصحابة- رضوان الله عليهم- القراءة وتعليمهم إياها وقراءة الآيات التي أنزلت عليهم، ومن هنا نشأ علم القراءات بالتلقين الشفوي عن
_________
(١) - عبد الفتاح القاضي، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة. بيروت-لبنان، دار الكتاب العربي، ط١، ٢٠٠٤م، ص٧. وهذا التعريف قريب من تعريف ابن الجزري انظر: ابن الجزري. منجد المقرئين. ص٦.
(٢) - القضاة، أحمد محمد مفلح، وآخرون. مقدمات في علم القراءات. عَمّان-الأردن، دار عمار، ط١، ٢٠٠١م، ص٤٩.


الصفحة التالية
Icon