آخر فقال كقول صاحبه، فقرأتُ عشراً، وقعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة، فقال لي: اقرأ فأقرأني خمسين آية، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمات قبل أن أخرج من المدينة (١).
فوائد مستنبطة:
نستنبط من هذه الرحلة العلمية فوائد عديدة منها: شد الرحال في طلب العلم، والبحث عن الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فالإمام ورش رحل إلى المدينة المنورة لعرض القراءة على الإمام نافع، متصفاً بصفات طالب العلم من علو الهمة والصبر على طلب العلم، وبذل الوقت والجهد في تحصيله، والاستئذان في الصحبة، وطلب العلم من المعلم، وطاعته في كل ما يأمره به، وهو أيضاً يرضى بأن ينام في المسجد من أجل طلب العلم بعد مشقة السفر، ويُستفاد من فعل الإمام نافع: تقديم الطالب الأول فالأول إذا ازدحموا فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه، وينبغي أن يكون قارئ القرآن أكمل الناس أدباً وأشد الخلق تواضعاً وأعظمهم نزاهةً كما قال عز وجل: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة﴾ [سورة الحشر: ٩] وينبغي أن يتخلق بخلق احترام العالم وتقديره وإكرامه، والنظر إليه نظر إكبار وإجلال.
_________
(١) - الذهبي، معرفة القراء الكبار. ج١/ص١٥٣.