الولي معجزة، لكنها لا تكون كمعجزة النبي عليه الصلاة والسلام من حيث العظمة، ويمكن أن تظهر لوليٍّ غيرِه، أما معجزة النبي عليه الصلاة والسلام فلا تظهر ـ إن ظهرت ـ إلا لنبي مثله، لذا ورد التحدي في بعض معجزات الأولياء لإثبات صدق الدين الذي يتبعه، ومن ثَمَّ فإن التفريق بالتحدي ليس عليه دليل من واقع المعجزات التي ظهرت على يد نبي أو ولي.
ومما وقع من شروط المعجزة، وليس موافقاً لواقع معجزات الأنبياء دعوى (أن تكون المعجزة مقارنةً لدعوى النبوة)، والحال أن هناك معجزات كانت قبل دعوى النبوة، وهناك معجزات حصلت بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك ما ظهر بعده من معجزات غيبية أخبر عنها القرآن الكريم، كقوله تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فقد دخل غير العرب في دين الله أفواجاً بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم تصديقاً لهذا الخبر.
ومما وقع في تعريف المعجزة من خلل ما يُذكر من كون المعجزة خارقة للعادة، وقد أوقع هذا الشرط فريقين في الخلل لكونهم لم يفرقوا بين خوارق العادات حيث جعلوها من جنس واحد، فمنع قوم خرق العادة لغير النبي عليه الصلاة والسلام فأنكروا الكرامات والسحر، واختلط على آخرين فجعلوا السحر من جنس ما يُخرق من العادة للأنبياء عليهم السلام، وذهبوا إلى أنه لا يمكن التفريق بين معجزة النبي عليه الصلاة والسلام وغيرها = إلا بالتحدي أو بدعواه أنه نبي من عند الله سبحانه.
والحق في هذا أن خرق العادة الذي يكون للأنبياء لا يستطيعه أحد من الخلق مطلقاً؛ لأنه من عند الله تأييداً لنبيه وتصديقاً له، ولو استطاعه غيرهم لاختلط على الناس الأمر.