أقوالهم تخرج عنه، وتصدر منه، فما من قول إلا وفيه معنى الرتق والفتق سوى قول ابن عباس الأخير الذي هو تفسير بلازم لفظ الرتق والفتق، واستدلال على خلق الظلمة قبل النور؛ فكأنه ظهر له أن الالتصاق قرين الظلمة، والفتق قرين النور، وهو النهار، وعلى هذا لا يكون تفسيره هذا تفسيراً للمفردة بما يدلُّ عليها من لغة العرب، بل هو تفسير لها بلازمها في هذا السياق.
وعند تأمل هذه الأقوال تجد أن الرؤية في قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنبياء: ٣٠] تحتمل أمرين:
الأول: أن الرؤية بمعنى العلم، وعلى هذا القول الأول والثاني والرابع، وهذا يعني أن الاعتبار بهذه الآية يأتي عن طريق العلم الاستدلالي.
الثاني: أن الرؤية بصرية، وعليه القول الثالث الذي فسر الرتق بعدم إنزال المطر وبعدم إنبات النبات، والفتق بإنزال المطر، وبإنبات النبات، وهذا مشاهد لكل واحد من الناس، فهم يدركونه بأبصارهم، وعلى هذا يكون المراد العبرة بالآية عن طريق البصر.
وهذا القول يعضده عدد من الأدلة، منها:
١ - كونه معلوماً مشاهداً لجميع الناس بخلاف غيره من الأقوال التي تحتاج إلى استدلال.
٢ - أن هذا المعنى له نظير في القرآن، وذلك مثل قوله تعالى ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ *وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ [الطارق: ١١ - ١٢]، وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ *أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا *ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا﴾ [عبس: ٢٤ - ٢٦]، ووجود النظير يعزز كون هذا المعنى أرجح، مع الأدلة الأخرى المذكورة.
٣ - أن السياق بعده يشير إلى صحته، وهو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا