القرآني بحقيقة الفتق بعد الرتق تجعلنا نرتقي بنظرية الانفجار الكوني العظيم إلى مقام الحقيقة، ونكون هنا قد انتصرنا بالقرآن للعلم المكتسب، وليس العكس، والسبب في لجوئنا إلى تلك النظرية لحسن فهم دلالة الآية القرآنية رقم (٣٠) من سورة الأنبياء هو أن العلوم المكتسبة لا يمكن لها أن تتجاوز مرحلة التنظير في القضايا التي تخضع لحس الإنسان المباشر أو إدراكه المباشر من مثل قضايا الخلق والإفناء وإعادة الخلق...» (١).
وأقرب أقوال المفسرين لهذه النظرية القول الأول، وهو من قال بأن السموات والأرض كانتا ملتزقتين ففتقهما إلى سماء وأرض.
وهذا يعني أن القول بهذه النظرية ـ على سبيل التفسير ـ إنما هو تفصيل لمجمل هذا القول، وليس قولاً حادثاً جديداً، وإنما الجديد فيه هذه التفاصيل التي لا زالت في طور النظرية.
وإذا صحَّت هذه النظرية فصارت بمثابة الحقيقة التي لا خلاف فيها، فإنه لا يمتنع أن تكون أحد المعاني المرادة بهذه الجملة من الآية، مع بقاء احتمال الأقوال الأخرى في كونها مرادة كذلك، لكن لا زال أقوى الأقوال ما ذكرت ترجيحه.
وهذا الأسلوب الذي ذكرت لك في التعامل مع الاختلاف ناشئٌ عن أصل مهم من أصول التفسير، وهو (احتمال الآية القرآنية لعدد من المعاني)، وهذا الأصل من الأصول التي يلزم تحريرها وبيانها ليستفيد
_________
(١) من آيات الإعجاز العلمي/السماء في القرآن الكريم (ص: ١٠٧ - ١٠٨). وتفسير هذه الآية بهذه النظرية يدخل في باب التفسير العلمي عند المعتنين بالإعجاز العلمي الذين يفرقون بين مصطلح (التفسير العلمي)، ومصطلح (الإعجاز العلمي)، خلافاً لما ذهب إليه مؤلف الكتاب الذي جعلها من آيات الإعجاز العلمي بالدعوى التي ذكرها، والتي يمكن لآخرين أن يستخدموها في غير هذه الآية من الآيات التي تذكر بعض الغيبيات.


الصفحة التالية
Icon