٣ - جعلَ الطَّاهِرُ بنُ عاشورَ (ت: ١٣٩٣هـ) مقدمةً منْ مقدماتِ تفسيرِهِ خاصَّةً بهذه القاعدةِ، وعَنْوَنَ لها بقولِه: «المقدِّمَةُ التَّاسعةُ: في أنَّ المعاني التي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ القرآنِ، تُعْتَبَرُ مُرادَةً بها» (١).
ولو ذهبت إلى سرد نصوص العلماء وتطبيقاتهم في هذه المسألة لطال المقام، وما ذكرته ففيه الغنية لمن أراد أن يتذكر.
وإذا جاز احتمال الآية لأكثر من معنى، فإنما ذلك لأن المفسر لا يستطيع الجزم ـ في حال الاحتمال ـ بأن هذا هو مراد الله دون ذاك؛ لأن أدلة الترجيح قد تستوي في نظره، أو قد يرى أحد الأقوال أقوى من الآخر من غير إبطاله، وإن أبطله فإنما يبطله بالدلائل العلمية، وليس لأنه يخالف قوله، أو أنه لا يدرك وجه هذا القول، فيردُّه، ويكون القصور والنقص في ردِّه وليس في القول.
* * *
_________
= فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف وقد لا يجوز ذلك. فالأول إما لكون الآية نزلت مرتين، فأريد بها هذا تارة، وهذا تارة، وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه، إذ قد جوَّز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من أهل الكلام.
وإما لكون اللفظ متواطئاً فيكون عاماً إذا لم يكن لتخصيصه موجب، فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني». مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق الدكتور عدنان زرزور (ص: ٣٩ - ٥١).
(١) التحرير والتنوير (١: ٩٣)، وقد تحدث عنها حتى (ص: ١٠٠).