يذهبون بتفسير (مواقع النجوم) إلى أن القَسَم بالنجوم وبمواقعها، والذين نَحَو إلى التفسير المعاصر يذهبون إلى أن القَسَم بالمواقع دون النجوم، وعلى فرض صحة هذه القضية، فإن كونها هي المرادة بقوله: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ [الواقعة: ٧٥] فيه نظر؛ لأمور:
١ - أن الأقوال الثلاثة قد ورد ما يشهد لها من القرآن، فمن ذهب إلى مطالع النجوم ومغاربها يشهد له مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩].
ومن قال إن المراد منازل النجوم، فإنه يشهد له مثل قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ [البروج: ١] على أحد الأقوال في تفسير الآية.
ومن قال بأن المراد سقوطها عند قيام الساعة، فيشهد له مثل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ [التكوير: ٢]؛ أي: انصبت وسقطت، وهذا أحد معاني الانكدار في الآية.
٢ - أن الله ذكر النجوم في غير ما آية، والمراد بها تلك النجوم المتلألئة في جوِّ السماء، ولم يشر في آية منها إلى هذه القضية، ولو كانت هذه القضية حقيقة، فإن إبراهيم ـ لما قال الله عنه ـ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ﴾ [الصافات: ٨٨] (١) يكون واهماً، فهو لم ينظر إلى النجوم إلا توهُّماً، وإنما نظر إلى مواقعها من حيث لا يدري!
وإذا رجعت إلى السُّنَّة وآثار السلف وأقوال الناس، فإن النجوم عندهم هي ما يرونه فوقهم يتلألأ في جو السماء، ولا يمكن أن يدور في خلدهم أن ما يرونه إنما هو مواقع النجوم، والموجود فيها إنما هو صورة النجم لا حقيقته، فذلك محال أن يسلِّم به هؤلاء، ويبنون على ذلك
_________
(١) ورد تفسير السلف لهذه الآية بأنه رأى نجماً طالعاً في السماء، فقال: إني مطعون. وهو يوهم بهذا أنه قد أصابه النجم على حدِّ زعمهم بتأثير النجوم.