أين وجه السبق الذي يدَّعيه متعاطي الإعجاز العلمي؟!
إن حقيقة السبق تكمن في المجهود البشري البحت، وليس في ادِّعاء سبق القرآن للعلم المعاصر؛ لأن ادعاء السبق ظنِّي بلا ريب، ولا يمكن لأحد أن يجزم بأن هذه القضية المعاصرة تفسير وتأويل لآيةٍ ما.
وإنما يصحُّ ادعاء السبق في حالين:
الأولى: أن تكون الآية ظاهرة واضحة بلا نزاع في أن المراد منها ما اكتشفه العلم المعاصر، وفي هذه الحالة، فإن فهم السلف لها يُخرجها عن كونها لم تُكتشف إلا بالعلوم المعاصرة المكتسبة، ويبدو أنه إذا وُجد أمثلة من هذا النوع فإنها خارجةٌ عن كلام أهل الإعجاز العلمي.
الثانية: إذا قام الباحث المسلم باكتشاف القضية المعاصرة، ثم اكتشفها الكافر بعده، فتلك حقيقة السبق.
أما أن يُعلَّق السبق ـ وكذا دعوى الإخبار ـ على قضية ظنية «وهي الزعم بأن الآية تدل على هذا الاكتشاف المعاصر»، فتلك مشكلة علمية تحتاج إلى نظر وتأمُّل.
هل هناك فرق بين دلالة الآيات القرآنية ودلالة الأحاديث على المكتشفات المعاصرة؟
إذا تأملت مجموعة من الأحاديث النبوية التي نُسب إليها (الإعجاز) ـ كما هو الحال في التعريف الأول ـ فإنك ستلاحظ أن دلالة الحديث النبوي على القضية المكتشفة المعاصرة أقوى من دلالة الآية التي تأتي مجملة ـ في كثير من الأحيان ـ غير محدَّدة الدلالة على القضية بعينها، ولأضرب لذلك مثالاً:
فيما روى البخاري في صحيحه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، فليغمسه، ثم لينزعه، فإن في إحدى جناحيه داء


الصفحة التالية
Icon