وعطف (جَعل العَلقةِ مُضغةً) بالفاء لأن الانتقال من العلقة إلى المضغة يشبه تعقيب شيء عن شيء، إذ اللحم والدم الجامد متقاربان، فتطورهما قريب، وإن كان مكث كل طورٍ مدة طويلة».
وانظر أيضاً: تفسيره لقوله تعالى: ﴿خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ في سورة العلق.
٢ - في قوله تعالى: ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ [الطارق: ٦ - ٧]. قال: «وأُطنب في وصف هذا الماء الدافق لإِدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ليستيقظ الجاهل الكافر ويزداد المؤمن علماً ويقيناً.
ووُصف أنه يخرج من ﴿بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ لأن الناس لا يتفطنون لذلك، والخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان ولو بدون بروز، فإن بروز هذا الماء لا يكون من بين الصلب والترائب.
و ﴿الصُّلْبِ﴾: العمود العظمي الكائن في وسط الظهر، وهو ذو الفقرات.
﴿وَالتَّرَائِبِ﴾: جمع تريبة، ويقال: تَريب. ومحرّر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقُوَتَيْن والثَّديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة.
والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال.
وقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ الضمير عائد إلى ﴿مَاءٍ دَافِقٍ﴾ وهو المتبادر، فتكون جملة ﴿يَخْرُجُ﴾ حالاً من ﴿مَاءٍ دَافِقٍ﴾ أي: يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه.
وبهذا قال سفيان والحسن؛ أي: أن أصل تكَوُّن ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب، وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب،


الصفحة التالية
Icon