الخارق للعادة المقرون بالتحدي السالم من المعارضة الذي يتعلق ببحث قضية علمية وصل العلم فيها إلى سقف المعرفة، وكانت دلالة النص عليها دلالة ظاهرة، فاتفقت الحقيقة العلمية مع الدلالة الشرعية الظاهرة الواضحة في القرآن والسُّنَّة.. الله سبحانه وتعالى حدثنا في كتابه عن أخفض وأدنى بقعة في الأرض ذاكرا أنها البقعة التي وقعت فيها معركة بين الروم والفرس، فقال جلَّ ذكره: ﴿الم *غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: ١، ٢] أين غلبت؟ ﴿فِي أَدْنَى الأَرْضِ﴾ [الروم: ٣] في أدنى بقعة من الأرض تحت مستوى سطح البحر وهي المنطقة القريبة من بحيرة طبرية إحدى بقاع أغوار الأردن، والتي تنخفض عن سطح البحر ٣٩٥م.
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ *فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ ﴿فِي أَدْنَى الأَرْضِ﴾ أي: في تلك البقعة المنخفضة.. فكيف عرف محمد صلّى الله عليه وسلّم ومن أخبره بذلك؟
إنه الله الذي خلق الأرض ويعلم حقائقها وأسرارها سبحانه وتعالى.. لقد فهم أكثر الأولين أن الأدنى هو الأقرب؛ لأن المعركة وقعت في منطقة متاخمة للجزيرة العربية، وهو فهم صحيح يحتمله النص لغةً وحدثاً إلاّ أن مكتسبات العلم الحديث أعطتنا معنى هو أكثر دقة في بيان دلالة اللفظ القرآني على موقع الحدث.. وهو ما لم يكن من الأولين أن يدركوه في ضوء إمكاناتهم ومعارفهم.. إن أدنى الأرض أخفضها وأدناها عن مستوى سطح البحر، وهذا المعنى لم يكن معروفاً أو مكتشفاً من الناحية الجيولوجية، وعُرف حديثاً بعد أن رُصدت بقاع الأرض وأجريت الدراسات لمعرفة أعلى بقعة في العالم عن مستوى سطح البحر، وهي قمم جبال الهملايا بشرق آسيا، وأدنى نقطة في منطقة البحر الميت. وفي ضوء هذا المعنى يكون القرآن قد أخبرنا عن أدنى بقعة في الأرض وهي الأرض التي دارت فيها تلك المعركة. ويؤكد ذلك أن ابن عباس رضي الله عنهما