وجعل مصدره البحث التجريبي المعاصر، أما إذا اعتبر خلافهم وصحَّح منه ما صحَّح، ثم زاد عليه تفسيراً صحيحاً، فإن الأمر مختلف، ولا يكون مناقضاً لقول السلف في هذه الحال.
٢ - أن يكون المعنى المفسَّر به صحيحاً.
وهو على قسمين:
الأول: أن يكون المعنى من جهة اللغة، وهذا لا بدَّ أن يثبت لغةً، وأي تفسير بمعنًى لم يثبت من جهة اللغة، فإنه مردود، كمن يفسِّر الذرة الواردة في القرآن بالذرة في علم الكيمياء، وهذا مصطلح حادث لا يثبت في اللغة.
الثاني: أن يكون المعنى خارج إطار اللغة، كمن يفسِّر خلق الأطوار بأنها الأطوار الداروينية.
وهذا مخالف لما جاء في الشريعة، وهو غير صحيح في نفسه؛ لذا لا يصحُّ التفسير به، وبما هو مثله البتة.
٣ - أن يتناسب مع سياق الآية، وتحتمله الآية.
وهذا قيد مهمٌّ، وفي كون الآية تحتمل هذا المعنى أو لا تحتمله مجال للاختلاف، لكن القول بأحدها لا يجب إلزام الآخر به، وكثيرٌ من التفسيرات بما وصل إليه البحث التجريبي تجري تحت هذا الضابط؛ إذ قد يكون المعنى غير مناقض لما ورد عن السلف، وهو معنى صحيح، لكن يكون وجه ردِّه عدم احتمال الآية له، والحكم باحتمال الآية له من عدمه محلُّ اجتهادٍ، وإذا كان الاجتهاد ـ في احتماله أو عدمه ـ عن علم فلا تثريب على الفريقين، بل في الأمر سعة، كما هو الحال في الاجتهاد الكائن في علماء أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وسأضرب مثلاً أرجو أن يوضح هذا الأمر، وهو ما ورد في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ


الصفحة التالية
Icon