الطبيعي درجة بعد درجة كلما تصاعد إلى السماء، وسبب ذلك انخفاض الضغط الجزئي للأكسجين في طبقات الجو العليا، وقد جعل أصحاب الإعجاز العلمي هذه الظاهرة الكونية تفسيراً للحرج الذي يصيب الكافر بسبب عدم قدرته على الإيمان.
وجعلوا التشبيه يعود إلى الضيق والحرج، والمعنى عندهم: إن حال ضيق صدر الكافر المعرض عن الحق وعن قَبول الإيمان كحال الذي يتصعد في السماء.
وذكروا وجه الشبه، وهو الصفة المشتركة بينهما: ضيقاً وحرجاً، وجاء بأداة التشبيه (كأن) ليقع بعدها المشبه في صورة حسية واضحة...
وإذا تأملت هذين التفسيرين وعرضتهما على سياق القرآن ومقاصده، فأي القولين أولى وأقوى؟
لا شكَّ أن ما ذكره السلف أولى وأقوى، والثاني ـ وإن كان محتملاً ـ لا يرقى إلى قوته، وإن قُبِلَ هذا القول المعاصر على سبيل التنوع، فالأول هو المقدَّم بلا ريب.
ووجه قوته كائن في أمور:
الأول: أن ما قاله السلف مُدرَكٌ في كل حين، منذ أن نزل الوحي بها إلى اليوم، أما ما ذكره المعاصرون، فكان خفيّاً على الناس حتى ظهر لهم أمر هذا المعنى هذا اليوم.
الثاني: أن التنبيه على امتناع الإيمان عنهم بامتناع صعود الإنسان إلى السماء أقوى وأولى من التنبيه على تشبيه الحرج والضيق الذي يجده الكافر في نفسه بما يجده من صعِدَ طبقات السماء.
فالحرج والضيق مدرك منه بخلاف امتناع الإيمان الذي يخفى سبيله، وهو الذي جاء التنبيه عليه في الآية، وذلك من دقيق مسلك قدر الله سبحانه.


الصفحة التالية
Icon