ما لا يلزم، إذ المفسر للقرآن لا ينظر إلى هذا الفرق المذكور، ولا ينتظر ثبوت تلك النظرية ثبوتاً يقينيّاً يوصلها إلى درجة الحقيقة التي لا مرجع عنها، فبيان كلام الله أوسع من تحجيره بهذه التحجيرات.
ولا حرج على المفسر الذي يمتلك أدوات التفسير أن يفسر القرآن بهذه النظريات إذا كان فيها بيان لمعنى تحتمله الآية، وإن وقع في خطأ في ربط الآية بنظرية من النظريات، فهو كمن وقع في خطأ في وجه من وجوه التفسير، فما دام عالماً فلا تثريب على طريقته العلمية، لكن لا يعني هذا قبول تفسيره بهذه النظرية التي قد يُخالَف حملها على الآية، وهذا هو مهيع التفسير في تاريخه الممتد من جيل الصحابة الكرام إلى عصرنا الحاضر.
الثانية: من الذي يمكنه أن يُثبت أن ما توصل إليه العلم البشري هو الحقيقة التي لا رجعة فيها؟!
إنَّ هذه القضية من الأهمية بمكان، وإنها أول ما يجب تقريره عند الذين يبحثون في الإعجاز العلمي.
فإذا كان هناك فرضيات ونظريات وحقائق، فمن الذي يمكنه أن يُفرّق بينها؟
وما هي شروط ارتقاء الفرضيات والنظريات إلى حقائق؟
لقد فسَّر بعض المسلمين في القرن الرابع عشر الهجري بعض آيات القرآن على نظريات كانت تُعدُّ من الحقائق في وقتهم، ثمَّ تبدَّلت تلك الحقائق، وظهر أنها ليست كذلك، فهل كان سيقال لهذا آنذاك: إن هذه ليست حقيقة، بل هي نظرية؟
إن قصور العلم البشري، وطريقة وصوله إلى حقائق هذا الكون الفسيح مما لا يخفى على الباحثين في العلم التجريبي.
وأعود فأقول: هل قضية الثقوب السود مما لا رجعة فيه عند الباحثين في الفلك؟


الصفحة التالية
Icon