بالنجوم المضيئة التي تختفي بالنهار وتظهر بالليل، وهو معنى الخنس، والتي تجري في أفلاكها لتختفي وتستتر وقت غروبها كما تستتر الظباء وبقر الوحش؛ أي: في مغاراتها، وهذا معنى الجوار الكنس» (١).
وهذا الذي ذكره هنا هو أحد أوجه التفسير كما ترى، وهو لم ينتبه إلى الفرق الذي ذكره المفسرون بين حالة الخنوس وحالة الكنوس، فهم لم يقولوا بالتأكيد ولا ترادف المعنى بين الخنوس والكنوس كما فهمه هو من كلامهم (٢).
وكلامهم واضح في التفريق بين الحالتين، فالخنوس يتحدث عن أول ظهور النجوم في الليل، والكنوس يتحدث عن آخر وقت النجوم في الليل عند دخولها في ضوء الصباح، فالحديث إذاً عن مرحلتين مختلفتين، وليس عن مرحلة واحدة فيكون من باب التأكيد كما فهمه الأستاذ الدكتور زغلول من كلامهم، وكلامهم واضح وضوحاً لا لبس فيه، فقد نقل قول القرطبي (ت: ٦٦١هـ) الآتي: «هي النجوم تخنس بالنهار، وتظهر بالليل، وتكنس وقت غروبها؛ أي: تستتر كما تكنس الظباء في المغارة، وهو الكِناس».
الوقفة الرابعة: هل هناك تفسير معاصر معتمد على العلم التجريبي غير ما ذهب إليه الأستاذ الدكتور زغلول؟
لقد ذكر الأستاذ الدكتور تفسيراً آخر معتمداً على ظاهرة فلكية أخرى، وأنَّ الوصف في الآية للمذنبات، وهي أجرام سماوية ضئيلة الكتلة وتتحرك في مدارات بيضاوية حول الشمس، وهي تُرى كلما اقتربت من الشمس، وهي تظهر وتختفي بصورة دورية على فترات تطول
_________
(١) من آيات الإعجاز العلمي.. السماء في القرآن (ص: ٢١٤).
(٢) هذه مشكلة نقع فيها ـ نحن المتأخرين ـ فقد نفهم كلام بعض السلف على غير وجهه، ثم نردُّ على فهمنا، ونحن نحسب أننا نردُّ على قولٍ خطأٍ عندهم.