يغيِّر من واقع وهن بيت العنكبوت الذي يمكن إزالته بقشَّة فضلاً عن عودٍ، فأي وهن بعد هذا؟
وهذا المعنى هو الذي فهمه المفسرون، ولم يعرِّجوا على هذا المعنى الذي ذكره الباحث.
خامساً: إن هذا التفسير الحادث ينبو عنه السياق، والسياق يدل على عدم إرادته، فالآية سيقت للدلالة على ضعف الكفار في اتخاذهم أولياء من دون الله، وأنهم كمثل العنكبوت الذي يعتمد على بيته الذي لا يقف أمام قشةٍ ولا هبة ريحٍ، وليس المجال مجال تشبيه بالوهن الاجتماعي الذي ذهب إليه الباحث، فما وجه الربط بينه وبين اتخاذ الأولياء من دون الله، وتخصيص الوهن بالدلالة الاجتماعية ونفي المادية تحكُّمٌ، وإنما صدر منه لأجل هذه المعلومات الحديثة عن العنكبوت.
سادساً: نفي العلم في قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤١] يعود إلى قوله: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ [العنكبوت: ٤١] فيكون: لو كانوا يعلمون هذا المثل المضروب لهم في أنهم اتخذوا أولياء لا يُعتمدُ عليهم.
ويحتمل أن يعود إلى أوهن البيوت، ويكون المعنى: لو كانوا يعلمون أن أوهن البيوت بيت العنكبوت.
وعلى كلا الاحتمالين نَفَى عنهم العلم، وهذا ظاهر النصِّ، لكن قول الباحث: «وسيعلمونه بعد تقدم العلمي التطبيقي والتجريبي» فمما لا يدلُّ عليه نظم الجملة لا من قريب ولا من بعيد أبداً.
وإنما قال ما قال بتأثير هذه المعلومات العنكبوتية التي ظهرت في هذا العصر، فهو قد اعتقد بهذه المعلومات، ثمَّ استدل لها.


الصفحة التالية
Icon