وقد يكون الفرق بين العلمين أن الأمور التي تُدرس في العلم المعاصر يوصل فيها إلى حقائق ملموسة، قد تصل إلى حدِّ اليقين فيها، بخلاف أمور الفلسفة التي تعتمد على العقل في تقدير صحة قضاياه.
ولا يخفى على الباحث أن المدرسة العقلية قديمها وحديثها تدخل في هذا الإطار، فهم يجتمع فيهم أنهم قوم اعتقدوا معاني، ثمَّ أوَّلوا النصَّ القرآني على وِفقِ ما يعتقدون.
وأذكر على سبيل التذكير أن الأمر يجب أن ينطلق من الأمور الآتية:
١ - أن يكون المنطلق من القرآن الكريم إلى تقرير هذه القضايا.
٢ - الأخذ بمأثور السلف في التفسير، وفهم مرادهم فيه، ومعرفة وجوه التفسير التي ذكروها.
٣ - إتقان اللغة من جهة المفردات ومن جهة الأساليب، لمعرفة كيفية استنباط علاقة القضايا المذكورة في العلم التجريبي أو غيره بالآية وبتفسير السلف، إذ قد تكون القضية المستدل لها مناقضة لسياق الآية ومعناها، أو مناقضة لتفسير السلف أو مندرجة تحت قول عندهم، أو تكون محدثة لقول جديد مغاير غير مناقض.
مسألة: هل يلزم أن يظهر لكل جيل معجزة قرآنية؟
من الطريف أن غلبة موضوع الإعجاز العلمي أفرزت دعوَى مفادها ما ذكره مثل الدكتور محمد حسن هيتو، قال: «والقرآن أُنزل معجزة لكل زمان وجيل ومكان، ولم يكن إعجازه قاصراً على الجيل الأول ـ كما بينا سابقاً ـ ولذلك كان لا بد لهذا الجيل المعاصر أن يجد في القرآن المعجزة، ولئن فاته الوقوف عليها عن طريق اللغة، فلن يفوته الوقوف عليها عن طريق العلوم المعاصرة.


الصفحة التالية
Icon