أَحْسَسْتَ صاحبك؟ أي: هلْ رأيتَهُ؟ (١)...
وقوله عزّ وجل: ﴿لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ [الأنبياء: ١٠٢]؛ أي: لا يسمعون حِسَّهَا وحركةَ تَلَهُّبِها. والحَسِيسُ والحِسُّ: الحركةُ، وقولُه: ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ [مريم: ٩٨]، معناه: هلْ تبصر؟ هل ترى؟...
قال الليث [يعني: ابن المظفر] في قوله: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ﴾ [آل عمران: ٥٢]؛ أي: رأى (٢)» (٣).
* وقال مقاتلٌ (ت: ١٥٠): «تفسيرُ الطَّاغوتِ على ثلاثةِ وجوهٍ:
فوجهٌ منها: الطَّاغوتُ: يعني به الشيطان، فذلك قوله في البقرةِ: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، نظيرُها في النساءِ، حيثُ يقولُ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ [النساء: ٧٦]؛ يعني: في طاعةِ الشَّيطانِ، ونظيرُها أيضاً في المائدةِ، حيثُ يقولُ: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ [المائدة: ٦٠]؛ يعني: الشيطان.
والوجه الثاني: الطَّاغوتُ؛ يعني: الأوثانَ التي تُعبدُ من دون الله، فذلك قولُه في النَّحلِ: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]؛ يعني: اجتنبوا عبادة الأوثانِ، ونظيرُها في الزُّمرِ، حيثُ يقولُ: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا﴾ [الزمر: ١٧]؛ يعني: الَّذينَ اجتنبوا عبادة الأوثانِ، وأنابوا إلى ربِّهم.
والوجه الثالثُ: الطَّاغوتُ؛ يعني: كعبَ بنَ الأشرفِ اليهوديَّ، فذلك
_________
= حسن الاعتقاد، وكان آخر ما سُمع له وهو يُحتضر أن يحشره الله مع أحمد بن حنبل، له كتاب معاني القرآن وإعرابه، توفي سنة (٣١١). ينظر: تاريخ بغداد (٦: ٨٩ - ٩٥)، وإنباه الرواة (١: ١٩٤ - ٢٠١).
(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١: ٤١٦)، وينظر (١: ٤٧٨).
(٢) ينظر: كتاب العين (٣: ١٥).
(٣) تهذيب اللغة (٣: ٤٠٥ - ٤٠٨). بتصرف.