فَأُقْسِمُ لَوْ شَيءٌ أَتَانَا رَسُولُهُ | سِوَاكَ، وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعا |
٢ - وقال أبو عبيدة (ت: ٢١٠) ـ في قوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦]ـ: «العربُ تؤكِّدُ الشيءَ وقد فُرِغَ منه، فتقيدُهُ بلفظِ غيرِه تفهيماً وتوكيداً» (٢).
٣ - وفي قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ٢]، قال الأخفشُ (ت: ٢١٥): «وقال في أوَّل هذه السورةِ: كتابٌ أُنزلَ إليك لتنذرَ به فلا يكنْ في صدرِكَ حَرَجٌ منه، هكذا تأويلُها على التَّقديمِ والتَّأخيرِ.
وفي كتابِ اللهِ مثلُ ذلكَ كثيرٌ، وقال: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ [النمل: ٢٨] والمعنى ـ واللهُ أعلمُ ـ: فانظرْ ماذا يرجعون، ثمَّ تولَّ عنهم... ومثلُ هذا في كلامِ العربِ وفي الشِّعرِ كثيرٌ في التَّقديمِ والتَّأخيرِ. يَكتبُ الرَّجلُ: أما بعدُ ـ حفظكَ اللهُ وعافاك ـ فإني كتبتُ إليك. فقوله: «فإني»: محمولٌ على «أما بعد»، إنما هو: أمَّا بعدُ، فإنِّي، وبينهما ـ كما ترى ـ كلامٌ.
قال الشَّاعرُ (٣):
خيرٌ من القومِ العصاةِ أميرَهم | يا قومِ فاستحيوا، النساءُ الجُلَّسُ |
_________
(١) معاني القرآن، للفراء (٢: ٤١٧). وينظر (١: ١٤، ٣١)، (٢: ٤١٦).
(٢) مجاز القرآن، لأبي عبيدة (١: ٧٠).
(٣) لم أجده في ما بين يدي من المراجع، وكذا قالت محققة كتاب الأخفش.
(٤) معاني القرآن، للأخفش (١: ٣٢٨ - ٣٢٩).