٤ - وفي تفسيرِ لفظِ الغشاوةِ، من قوله تعالى: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ [البقرة: ٧]، قال ابنُ قتيبةَ (ت: ٢٧٦): «والغِشاوةُ: الغِطاءُ. ومنه يقال: غَشِّهِ بثوبٍ؛ أي: غَطِّهِ. ومنه قيل: غاشيةُ السِّراجِ؛ لأنها غطاءٌ له، ومثلُه قولُه: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١]» (١).
الثاني: أنْ يستشهدوا لتفسيرِهم:
قد مضى أمثلةٌ لاستشهادِ اللُّغويِّينَ بأشعارِ العربِ (٢)، أمَّا استشهادُهم بالنَّثْرِ، فكانَ على قسمين:
الأوَّلُ: أن ينصُّوا على أنَّ ذلكَ لغةُ العربِ، وغالباً ما تكونُ عبارتُهم: تقولُ العربُ، وهذا قولُ العربِ، ثُمَّ يذكرونَ شيئاً من نَثْرِها، ومنْ ذلكَ:
١ - قال الفرَّاءُ (ت: ٢٠٧) في تفسيرِ لفظِ مثبوراً: «وقولُه: ﴿يافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢]: ممنوعاً من الخيرِ. والعربُ تقولُ: ما ثَبَرَكَ عن ذا؟ أي: ما منعَك عنه وصرفَك عنه» (٣).
٢ - وفي قوله تعالى: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾ [المائدة: ١٠٧]، قال أبو عبيدة (ت: ٢١٠): «أي: فإن ظهرَ عليه وَوَقَعَ، وهو منْ قولِهم: عَثَرَتْ على أغزلَ بأخرةٍ، فلمْ تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً» (٤).
٣ - وقال الأخفشُ (ت: ٢١٥): «وقال: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ﴾ [هود: ٧٤]: وهو الفزعُ، يقال: أَفْرَخَ رَوْعُكَ، وأُلْقِيَ في رُوعِي؛ أي: في خَلَدِي. الرُّوعُ: القلبُ والعقلُ، والرَّوعُ: الفزعُ» (٥).
٤ - وفي تفسيرِ لفظِ ظهريًّا من قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾
_________
(١) غريب القرآن، لابن قتيبة (ص: ٤٠)، وأغلب الكتاب سار على هذا المنهج.
(٢) ينظر: (ص: ١٥٠ - ١٥٤).
(٣) معاني القرآن، للفراء (٢: ١٣٢)، وينظر فيه: (ص: ٥٩، ١٧٤، ١٩٣، ٢٠٥، ٢٥٦).
(٤) مجاز القرآن، لأبي عبيدة (١: ١٨١)، وينظر (٢: ٢٨٦).
(٥) معاني القرآن، للأخفش (١: ٣٨٦)،