إبراهيمَ بنُ المنذرِ (ت: ٣١٩)، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي حاتم (ت: ٣٢٧)، وغيرهم.
وكانَ يغلبُ على هذه الكتاباتِ الاهتمامُ بنقلِ ما رُوِيَ عنِ السَّلفِ الكرامِ، دونَ العنايةِ بنقدِ الأقوالِ المذكورةِ في التَّفسيرِ، سوى ما كتبه يحيى بنُ سلامٍ (ت: ٢٠٠) (١)، وابنُ جريرٍ الطبريُّ (ت: ٣١٠).
ولَمَّا شاركَ في علمِ التَّفسيرِ علماءُ برزوا في علمٍ من العلومِ التي تحدَّدتْ معالِمُها؛ كعلمِ النحوِ، وعلمِ البلاغةِ، وعلمِ الفقهِ، وغيرِها، صَبَغُوا تفاسيرَهم بهذهِ العلومِ التي برزوا فيها؛ كما فعلَ الزمخشريُ (ت: ٥٣٨) في تفسيرِه: (الكشافِ عنْ حقائقِ التَّنْزِيلِ وعيونِ الأقاويلِ في وجوهِ التَّأويلِ)، الذي صبغَهُ بالاتجاهِ البلاغيِ.
وكُتُبُ التَّفسيرِ لا يمكنُ أنْ تخلوَ من التَّفسيرِ اللُّغويِّ، وإنما التَّمَايُزُ بينها في طريقةِ عرضهِ، وقِلَّتِهِ وكثرتِهِ، ومدى استفادةِ المفسِّرِ من لغةِ العربِ في بيانِ معانِي كلامِ اللهِ سبحانَهُ.
وسأذكر ثلاثة أمثلة من كتب التَّفسير، وهي:
جامع البيان عن تأويل آي القرآنِ، للطبري (ت: ٣١٠)، والجامع لعلم القرآنِ، للرُّمَّانيِّ (ت: ٣٨٢)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (ت: ٥٤٢)، وسأُبيِّن فيها صُوَرَ التَّفسيرِ اللُّغويِّ الذي سلكَهُ المُفَسِّرُ في تفسيرِهِ.
_________
(١) يقول الفاضل بن عاشور في كتابه التفسير ورجاله (ص: ٢٨): «... تفسير يحيى بن سلام التميمي البصري الأفريقي المتوفى سنة ٢٠٠، وهو تفسير يقع في ثلاثين جزءاً من التجزئة القديمة؛ أي: في ثلاث مجلدات ضخمة، مبني على إيراد الأخبار مسندة، ثمَّ تعقبها بالنقد والاختيار، فبعد أن يورد الأخبار المروية مفتتحاً إسنادها بقوله: (حدَّثنا)، يأتي بحكمه الاختياري مفتتحاً بقوله: (قال يحيى). ويجعل مبنى اختياره على المعنى اللغوي، والتخريج الإعرابي...».


الصفحة التالية
Icon