وَجَاءَ سَيلٌ كانْ منْ أَمْرِ اللهْ | يَحْرُدُ حَرْدَ الجنَّةِ المُغِلَّهْ |
وهذا القولُ الذي انتقدَه، إنما انتقدَه ورَدَّهُ لعدمِ وُرُودِهِ عن السَّلفِ، وجعلَ ما حكاهُ عنهم ـ مع اختلافهم ـ إجماعاً، وبنى عليه أنَّ ما لم يقولوه فإنَّه خارج عن الإجماع ولا يُعْتَدُّ به. هذا مع أنه قال عن القول الذي اعترض عليه: «وإن كان له وجهٌ»، ويظهر أنه يقصد بالوجه: الشاهد الشعري، وصحَّة المعنى في الآية إذا ما حُمِلَتْ عليه، واللهُ أعلمُ.
هذا، وقدْ أخذَ التَّفسيرُ اللُّغويُّ في تفسيرِ الطَّبريِّ (ت: ٣١٠) مساحةً واسعةً، حتى إنه لا يكادُ أنْ يَمُرَّ به لفظٌ قرآنيٌّ دونَ أن يتعرَّضَ لبيانِه اللغويِّ، ويمكنُ بذلكَ أنْ يُخْرَجَ منْ تفسيرِه كتابٌ في تفسيرِ ألفاظِ القرآنِ، وهو ما يسمى بعلمِ «غريبِ القرآنِ» (٣).
ومنْ صورِ التَّفسيرِ اللُّغويِّ التي كانَ ابنُ جريرٍ الطَّبريُّ (ت: ٣١٠) يستخدمُهَا في تفسيرِهِ ما يأتي:
_________
= الميمني (١: ٣١)، وذكر في الحاشية أنَّ البيت نُسِبَ لحسان بن ثابت، ولحنظلة بن مُصَبِّح، وينظر ما ذكره الدكتور منير بعلبكي في تحقيقه للجمهرة (١: ١٦٠).
والجنة المغلة: ذات الرَّيع والخِصْب.
(١) هذا جوابُ قولِه: «وإذا كان ذلك»، وطول الفصلِ بين المترابطاتِ إعراباً كثيرٌ في كلامِ الطَّبريِّ.
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٩: ٣٣ - ٣٤).
(٣) قام الدكتور عبد الرحمن عميرة بإخراجِ كتابٍ بعنوانِ «دقائق لغة القرآن في تفسير ابن جرير الطبري»، ولكنه غير شاملٍ لمفرداتِ ألفاظِ القرآنِ التي تناولها الطبري بالشرح والبيانِ، والله الموفق.