(ت: ٣٢١) الذي ألَّف كتاب «جمهرة اللغة»، أو من جاء بعده كالأزهري (ت: ٣٧٠) الذي ألَّف كتاب «تهذيب اللغة».
غير أنَّك لا تجد لهذا العَلَمِ الجَهْبَذِ أثراً في نقلِ اللُّغةِ عندَ أصحابِ المعاجمِ ممنْ جاءَ بعدَهُ (١)، مع أنَّ كتابَه مليءٌ بالتَّحقيقاتِ اللُّغويةِ وببيانِ المفرداتِ وذكر شواهدها من لغة العرب.
ومما يدلُّ على تقدُّمه في علمِ لغةِ العربِ أنَّه لما دخلَ مصرَ طُلِبَ منه أنْ يُمْلِيَ شعرَ الطِّرِمَّاحِ (٢)، فأملاهُ حفظاً، وشرحَ غريبَه (٣)، ولا يقومُ بمثلِ هذا إلاَّ من تمكَّنَ في لغةِ العربِ.
ثانياً: تفسير الألفاظ مع ذكر الشاهد:
تكثرُ الشَّواهدُ الشِّعريةُ في تفسيرِ الطَّبريِّ (ت: ٣١٠)، وهو كغيرِه من المفسِّرينَ الذين يتعرَّضونَ لمسائلِ النَّحْوِ، حيثُ يكثرُ عندَه الشَّاهدُ النَّحْوِيُّ، ولا يخلو كتابُه منْ ذِكْرِ شواهدِ اللُّغةِ، غيرَ أنَّ الأوَّلَ أكثرُ. ومن الشَّواهد اللُّغويَّة التي ذكرها ما يأتي:
_________
(١) بحثت في كتاب لسان العربِ عنه، لأظفر بنقلٍ عنه في اللغة، فلم أجد إلاَّ موضعاً واحداً في مادة (جزى)، قال ابن منظورٍ: «وفسَّر أبو جعفر بن جرير الطبري قوله تعالى: ﴿لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾، فقال: معناه: لا تُغني»، ثمَّ وقفتُ على القرص المضغوط من إنتاج مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي (مكتبة المعاجم والغريب والمصطلحات)، فبحثت في كتاب لسان العرب في موارد اللفظ (ابن جرير = الطبري)، فلم أظفر باسمه في أي موضعٍ، ولا بالموضعِ الذي وجدته، ثمَّ كشفتُ في القرص عن هذه المادة (جزى)، فلم أجدهم نقلوها، وهذا مما يُضعِفُ عملهم، وهو ما يتسمون به في إخراج كتب التراثِ، والله المستعان.
(٢) الطِّرِمَّاح هو الحكم بن حكيم، ولقبه أشهر من اسمه، وهو من طيء، شاعر إسلامي، كان خطيباً خارجياً، مات في الكوفة، سنة (١١٢) أو قريباً منها. ينظر: مقدمة محقق شعر الطِّرِمَّاح: عِزَّة حسن (ص: ٥ - ٢٤)، ومعجم الشعراء (ص: ١٣٥).
(٣) ينظر: معجم الأدباء (١٨: ٥٣).


الصفحة التالية
Icon