الثاني: أنْ تُبَادِلَ بهنَّ غيرهنَّ، فتأخذَ زوجتَه ويأخذَ زوجتَك، وهو قولُ ابنِ زيدٍ (ت: ١٨٢) (١).
ثمَّ رجَّحَ أحدَ القولينِ قائلاً: «وأولى الأقوالِ في ذلكَ بالصَّوابِ، قولُ منْ قالَ: معنى ذلكَ: ولا أنْ تُطَلِّقَ أزواجَك فتستبدِلَ بهنَّ غيرَهُنَّ أزواجاً... وأمَّا ما قالَه ابنُ زيدٍ في ذلكَ أيضاً، فقولٌ لا معنى له؛ لأنه لو كانَ بمعنى المُبَادَلَةِ، لكانتِ القراءةُ والتَّنْزيلُ: ولا أن تُبَادِلَ بهنَّ من أزواجٍ، أو: ولا أن تُبَدِّلَ بِهنَّ بضمِّ التاء، لكنَّ القراءةَ المجمعَ عليها: ﴿وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ بفتح التاءِ، بمعنى: ولا أن تستبدل بهنَّ...» (٢).
ففي هذا المثالِ ترى أنَّ ترجيحَه اعتمدَ على اشتقاقِ لفظِ «تَبَدَّلَ»، وأنَّه لو كانَ من المبادلةِ، لكان اللفظُ: تُبَادِلَ، أو: تُبَدِّلَ.
٢ - في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَاتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ﴾ [البقرة: ٢٤٨]، ذكرَ قولينِ في معنى حَمْلِ الملائكةِ للتابوتِ:
الأول: أنَّ الملائكةَ كانت تباشِرُ حَمْلَهُ، وأورد الرِّواية في ذلكَ عنِ ابن عباس (ت: ٦٨)، وقتادة (ت: ١١٧)، وابن زيد (ت: ١٨٢).
الثاني: تسوقُ الملائكةُ الدَّوابَّ التي تحملُه، قاله وَهْبُ بنُ مُنَبِّه الصَّنعانيُّ (ت: ١١٤) (٣)، وقد رواهُ سفيانُ الثَّوريُّ عن بعضِ أشياخِه (٤).
_________
(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٢: ٣١).
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٢: ٣١ - ٣٢).
(٣) وهب بن منبه بن كامل، أبو عبد الله اليماني الصنعاني، روى عن أنس بن مالك وابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهم، وروى عنه: همَّام الصنعاني وعاصم بن رجاء بن حيوة وغيرهما، تابعي ثقة، كان على قضاء صنعاء، وكان صاحب كُتبٍ وأخبار، له حِكم ومواعظ، توفي سنة (١١٤). ينظر: تهذيب الكمال (٧: ٤٩٨ - ٥٠٤)، وتقريب التهذيب (ص: ١٠٤٥).
(٤) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٥: ٣٣٥ - ٣٣٦).


الصفحة التالية
Icon