* الأساليبُ العربيَّةُ:
لقد كتبَ الرُّمَّانيُّ (ت: ٣٨٤) في علمِ بلاغةِ القرآنِ كتابَه (النُّكت في إعجاز القرآنِ)، وقد تحدَّثَ فيه عن بعضِ أساليبِ العربِ في الخطابِ، واستشهدَ لما وردَ منها في القرآنِ، أمَّا في تفسيرِه، فقد ظهرَ بعضُها، وكان يأتي على أسلوبِ القاعدةِ العلميَّةِ (١)، ومن الأساليبِ التي ذكرها:
١ - أسلوبُ الحذفِ:
عرَّف الرُّمَّانيُّ الحذفَ فقال: «إسقاطُ كلمةٍ للاجتزاء عنها بدلالةِ غيرها من الحالِ أو فحوى الكلامِ» (٢).
وقال في أسلوب الحذفِ أيضاً: «... والحذفُ: لا بدَّ فيه من خَلَفٍ يُستغنى به عن المحذوفِ» (٣).
وهذا يعني أنَّه يرى وجودَ الحذفِ (٤)، إلاَّ أنَّه لا يرى أنَّ كلَّ ما قيل فيه: إنَّه محذوفٌ، أنَّه يكونُ كذلكَ، ولهذا استفادَ بهذا القيدِ في أسلوبِ الحذف في ردِّ بعضِ ما ادُّعي أنه كذلكَ (٥).
ومما وردَ في تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ
_________
(١) يظهرُ على الرُّمَّانيِّ ميلُه إلى التَّقعيدِ، ومن ذلك قوله: «الاستثناءُ لا يُحملُ على المنقطعِ مع حُسنِ المتَّصلِ؛ لأنه الأصلُ في الكلامِ، والأسبقُ إلى الأوهامِ» تفسير الآية (٨٩)، وقوله: «المجازُ لا يصحُّ إلا بدليلٍ» تفسير الآية (١٠٦)، وقوله: «لا يجوزُ العدولُ عن الظَّاهر بلا قرينةٍ» تفسير الآية (١٥٨)، وقوله: «لا يُحكمُ بالزيادةِ مع صِحَّةِ المعنى» تفسير الآية (١١٨)، وقوله: «القرآن لا يُحملُ على ضرورة الشَّاعر» تفسير الآية (١٢٠)، وغيرها.
(٢) النُّكت في إعجاز القرآن، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن (ص: ٧٠).
(٣) تفسير الآية (١٣) من سورة آل عمران.
(٤) قد مثَّل له بأمثلةٍ في كتابِ النُّكت في إعجازِ القرآن (ص: ٧٠).
(٥) قد ذكر هذا في مواطن، منها: تفسير الآية (١١٢) من سورة آل عمران، قال فيها: «وإنما يجوز حذف الشَّيءِ للاستغناء بدلالةِ غيرِه عليه»، وقال: «الكلام إذا صحَّ معناه من غير حذفٍ، لم يجزْ تأويلُه على الحذفِ». وينظر: تفسير الآية (١١٣).


الصفحة التالية
Icon