* وأبو حيَّان (ت: ٧٤٥)، قال: «وقد تَعَرَّضَ المفسِّرون في كتبِهم لحكمِ التَّسميةِ في الصَّلاةِ، وذكروا اختلافَ العلماءِ في ذلك، وأطالوا التَّفاريعَ في ذلك، وكذلك فَعَلُوا في غيرِ ما آيةٍ، وموضوعُ هذا كتبُ الفقهِ.
وكذلك تكلَّمَ بعضُهم على التَّعَوُّذِ، وعلى حكمِه، وليس من القرآنِ بإجماعٍ.
ونحنُ في كتابِنا هذا لا نتعرَّضُ لحكمٍ شرعيٍّ إ لاَّ إذا كان لفظُ القرآنِ يدلُّ على ذلك الحكمِ، أو يمكنُ استنباطُه منه بوجهٍ من وجوهِ الاستنباطاتِ»
(١).
لقد ذكر الطَّبريُّ (ت: ٣١٠) وأبو حيان (ت: ٧٤٥) هاهنا الضابطَ الذي يُعتمدُ عليه في ذكرِ مثلِ هذه الأحكام، وهو أن يكونَ القرآنُ نصَّ على الحكمِ الفقهيِّ، فإنَّهم يبيِّنونَ هذا الحكمَ ولا يتوسَّعونَ في بيانِ ما يتعلَّقُ به من الأحكامِ التي لم يردِ النَّصُّ عليها في القرآنِ، ومنْ ثَمَّ، فبيانُ الحكمِ الذي نصَّ عليه القرآنُ من التَّفسيرِ، وما يُذكرُ من المسائلِ الفقهيَّةِ المتعلِّقةِ بهذا الحكمِ، ولم ينصَّ عليها القرآنُ فهي ليستْ من التَّفسيرِ، ومحلُّها كتبُ الفقهِ، واللهُ أعلمُ.
والملاحظُ أنَّ أبا حيَّانَ (ت: ٧٤٥) لم يلتزم هذا الضَّابطَ الذي ذكره في إيرادِه للأحكامِ عندَ تعرُّضِه للمسائلِ اللُّغويَّةِ والصَّرفيَّةِ والنَّحويَّةِ، بل توسَّع فيها، حتى خرجَ بها عن حدِّ التَّفسيرِ.
وأخيراً، إذا أمعنتَ النَّظرَ في هذه التَّعريفات فإنك ستجدُ بعضَها قد انطلقَ من المعنى اللُّغويِّ للتَّفسيرِ، وهذا هو الصوابُ، وقد استُعملتْ في هذه التَّعريفات عباراتُ: بيانٍ، وشرحٍ، وكشفٍ؛ للتَّعبير عن معنى «التَّفسير».
ويمكنُ من هذا المنطلقِ القولُ بأنَّ عمليةَ التَّفسيرِ إنَّما هي بيانُ وشرحُ
_________
(١) البحر المحيط، لأبي حيان (١: ٣٢).


الصفحة التالية
Icon