فِعْلِ الآدميين، وفي آيةٍ أخرى: ﴿أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: ٤]، وفي آيةٍ أخرى ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١] فخرجَ على تقديرِ فِعْلِ الآدميين، والعرب قدْ تفعلُ ذلك، وقال (١):

شَرِبْتُ إذَا مَا الدِّيكُ يَدْعُو صَبَاحَهُ إذَا مَا بَنُو نَعْشٍ دَنَوا فَتَصَوَّبُوا
وزعم يونس (٢) عن أبي عمرو (٣): أنَّ ﴿خَاضِعِينَ﴾ ليست من صفةِ الأعناقِ، وإنما هي من صفةِ الكنايةِ عن القومِ التي في آخر الأعناقِ، فكأنَّه في التمثيلِ: فظلَّتْ أعناقُ القومِ، في موضع «هم».
والعربُ قدْ تتركُ الخبرَ عن الأولِ، وتجعلُ الخبرَ للآخرِ منهما، وقال (٤):
طُولُ اللَّيَالي أَسْرَعَتْ فِي نَقْضِي طَوَينَ طُولِي وَطَوَينَ عَرْضِي
فتركَ طولَ اللَّيالي، وحَوَّلَ الخبرَ على اللَّيالي، فقال: أسرعتْ، ثُمَّ قال: طوينَ. وقال جرير (٥):
_________
(١) البيت للنابغة الجعدي، وهو في ديوانه (ص: ٤)، وقد استشهد به أبو عبيدة (١: ٢٧٦) وذكر أوله: تمزَّزها والديك، بدل: شربت إذا ما الديك.
وبنات نعشٍ: سبعة كواكب، وذكَّرها في البيت، لأنَّ الكواكب ذكر. ويدعو صباحه: وقت صباحِه. وتصبوا: تدنوا من الأفق للغروبِ. وهذا البيت في وصف خمرةٍ باكرَها بالشراب عند صياح الديك. ينظر: شرح محقق الديوان (ص: ٤)، بتصرف.
(٢) يونس بن حبيب النحوي، وقد سبقت ترجمته.
(٣) أبو عمرو بن العلاء.
(٤) نسبه بعضهم إلى الأغلب العجلي، وبعضهم إلى العجاج ـ ولم أجده في ديوانه بتحقيق عزة حسن ـ وقال غيرهم: هو من شوارد الرجز، لا يُعرف قائله، ينظر: الكتاب، لسيبويه، تحقيق عبد السلام هارون (١: ٥٣)، وتفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٧: ٨٧)، وخزانة الأدب، للبغدادي، تحقيق: عبد السلام هارون (٤: ٢٢٦)، والمعجم المفصل في شواهد اللغة العربية (١٠/ ٣٩٤ - ٣٩٥).
(٥) البيت في ديوانه، شرح ابن حبيب (٢: ٥٤٦).


الصفحة التالية
Icon