ومنْ قرأها: ﴿فَاكِهُونَ﴾ جعلَهُ: كثيرَ الفواكِه، صاحبَ فاكهةٍ، قال الحطيئة (١):
وَدَعَوتَنِي وَزعَمْتَ أَنَّـ | ـكَ لاَبِنٌ بِالصَّيْفِ تَامِرُ |
تعرُّض أبي عبيدة للنَّقد بسبب منهجه اللُّغويِّ:
لقد كان المنهجُ اللُّغويُّ الذي سَلَكَهُ أبو عبيدةَ (ت: ٢١٠) عُرْضَةً للنَّقدِ، كما أوقعَه في شيءٍ من المخالفاتِ في التَّفسيرِ؛ لأنَّ للتَّفسيرِ مصادرَ غير اللُّغةِ يجب على المفسِّرِ الرُّجوعُ إليها، ولا يعني هذا أنَّ كتابَه يخلو من التَّأثُرِ بالمصادرِ الأخرى (٣)، لكنَّ المرادَ أنَّ اعتمادَه على المنقولِ مِنَ التَّفسيرِ؛ كالسُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وآثارِ السَّلفِ، وأسبابِ النُزُولِ، وقصصِ الآيِ = كان قليلاً جِدًّا.
ومن أمثلةِ اعتمادِهِ على السُّنَّةِ النَّبويَّةِ، في قوله تعالى: ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: ٧٨]، قال: «مجازُه: إنَّ ملائكَة اللَّيلِ تشهدُه، إذا صُلِّيَتْ الغَدَاةُ أعقبتْهَا ملائكةُ النَّهارِ» (٤).
وهذا مأخوذٌ من قولِ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، قال: «.... وتجتمعُ ملائكةُ اللَّيلِ وملائكةُ النَّهارِ في صلاةِ الصُّبحِ.
_________
(١) البيت في ديوانه، تحقيق: نعمان محمد (ص: ٥٦).
(٢) مجاز القرآن (٢: ١٦٣ - ١٦٤).
(٣) ينظر في الجزء الأول تفسير الألفاظ الآتية: المنُّ والسَّلوى (ص: ٤١)، الطُّور (ص: ٤٣). حنيفاً (ص: ٥٨)، شعائر الله (ص: ٦٢)، معدودات (ص: ٧١)، اللَّغو (ص: ٧٣)، قال لهم الناس (ص: ١٠٨)، وغيرها.
(٤) مجاز القرآن (١: ٣٨٨).