جَنَفًا} [البقرة: ١٨٢]، وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ﴾ [المائدة: ٣]؛ أي: متمايلٍ متعمِّدٍ» (١).
وقدْ يُتبعُ تفسيرَه اللُّغويَّ للَّفظةِ بذكرِ معناها في الآيةِ على جهةِ تفسيرِ المعنى المرادِ بها في الآيةِ، لكنه قليلٌ جداً، ومنْ ذلكَ قوله: «الدَّعُّ: دفعٌ في جفوةٍ، وفي التَّنْزيلِ العزيزِ: ﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ [الماعون: ٢]؛ أي: يُعَنِّفُ به عنفاً شديداً ودفعاً وانتهاراً؛ أي: يدفعُه حَقَّهُ وصِلَتَهُ» (٢).
ففي هذا المثال تراه بينَ المعنى المرادَ بالآيةِ بعد ذِكْرِه المعنى اللُّغويَّ للَّفظةِ، وكأنه يريدُ أنْ يقولَ: إن الدَّعَّ ـ وإنْ كانَ في اللُّغةِ بمعنى الدفعِ ـ يدخلُ فيه منعُ حقِّ اليتيمِ وصلتِهِ، والله أعلم.
ثانياً: الاستشهاد بالشعر على معنى اللفظة القرآنية:
لقدْ كانَ الاستشهادُ بالشعرِ قليلاً في كتابِ العينِ، إذا ما قِيسَ بالكلماتِ القرآنيَّةِ التي أوردَ بيانَ معناها في لغةِ العربِ، ومن أمثلةِ الاستشهادِ بالشِّعرِ ما يأتي:
١ - قال: «وكُبْرُ كلِّ شيءٍ: عُظْمُه، وقولُه عزّ وجل: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ [النور: ١١] يعني عُظْمَ هذا القَذْفِ. ومن قرأ: «كِبْرَهُ» (٣) يعني: إثمَه وخِطْأَهُ. قال علقمة (٤):
_________
(١) كتاب العين (٦: ١٤٣).
(٢) كتاب العين (١: ٨٠). وينظر: (١: ٢٦٠)، (٧: ٤٤، ١٠٨، ٢٠٤).
(٣) القراءة المتواترة بكسر الكاف، والأخرى بضم الكاف، قال ابن جني: «ومن ذلك قراءة أبي رجاء وحميد ويعقوب وسفيان الثوري وعمرة بنت عبد الرحمن وابن قطيب: ﴿كِبْرَهُ﴾ بضم الكاف. قال أبو الفتح: من قرى كذلك أراد عُظْمَهُ، ومن كسر فقال: ﴿كِبْرَهُ﴾ أراد: وِزْرَه وإثمه، قال قيس بن الخطيم:

تَنَامُ عَنْ كُبْرِ شَأنِهَا فَإذَا قَامَتْ تَكَادُ تَنْغَرِفُ
(٤) ديوانه، بشرح الأعلم الشنتمري، تحقيق: حنا نصر (ص: ٧٩).


الصفحة التالية
Icon