قال: «جَمَعَنَا الحسنُ (١) لِعَرْضِ المصاحفِ: أنَا، وأبَا العاليةِ (٢)، ونَصْرَ بنَ عاصمٍ الليثي (٣)، وعاصماً الجحدري (٤).
فقال رجلٌ: يا أبا العاليةَ، قوله تعالى في كتابِه: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤، ٥] ما هذا السهوُ؟.
قال: الذي لا يدري عنْ كَمْ ينصرفْ، عَنْ شَفْعٍ أو عن وِتْرٍ؟.
قال الحسن: مَهْ يا أبا العالية، ليس هكذا، بلْ الذين سهوا عن ميقاتِها حتى تفوتَهم، قال الحسن: ألا ترى قولَه عزّ وجل: ﴿عَنْ صَلاَتِهِمْ﴾»
(٥).
وإنما وقعَ أبو العالية (ت: ٩٣) في ذلك، لأنَّه جعلَ دلالةَ الحرفِ «عن» بمعنى «في»، ولم يُفرِّقْ بينهما، قال أبو سليمان الخطَّابي (ت: ٣٨٨): «وإنما أُتيَ أبو العاليةِ في هذا حيثُ لم يُفَرِّقْ بَيْنَ حرف «عن» و «في»، فَتَنَبَّهَ له الحسنُ فقالَ: ألا ترى قوله: ﴿عَنْ صَلاَتِهِمْ﴾ يؤيدُ أنَّ السَّهْوَ الذي هو الغلطُ
_________
(١) الحسن بن أبي الحسن (يسار) البصري، أبو سعيد، العابد الزاهد، الفقيه، المفسر، روى عن أنس بن مالك وابن عمر وأبي برزة، توفي سنة (١١٠). ينظر: الجرح والتعديل (٣: ٤٠ - ٤٢)، وغاية النهاية في طبقات القراء (١: ٢٣٥).
(٢) رُفَيعُ بن مِهْرَان الرياحي، البصري، أبو العالية، محدث، مقرئ، مفسر، من كبار التابعين، أسلم بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم بسنتين، له تفسير رواه عنه الربيع بن أنس البكري، وتوفي أبو العالية سنة (٩٣)، وقيل غيرها. ينظر: غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (١: ٢٨٤)، وطبقات المفسرين، للداودي (١: ١٧٨ - ١٧٩).
(٣) نصر بن عاصم الليثي، البصري، النحوي، تابعي، عرض القرآن على أبي الأسود الدؤلي، ويقال: إنه أول من نقط المصاحف وخمَّسها وعشَّرها، توفي قبل المائة، وقيل: سنة (٩٠). ينظر: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، للذهبي (١: ٧١)، وغاية النهاية (٢: ٣٣٦).
(٤) عاصم بن أبي الصباح الجحدري، البصري، أخذ القراءة عرضاً على سليمان بن قتة عن ابن عباس، وثقه ابن معين. ينظر: الجرح والتعديل (٦: ٣٤٩)، وغاية النهاية (١: ٣٤٩).
(٥) إعجاز القرآن، للخطابي (ص: ٣٩).


الصفحة التالية
Icon