أحد معانيه جاءَ في غيرِ القرآنِ، أو يجيءُ في موضعين من القرآنِ، ولكلِّ موضعٍ معنى يخالفُ الآخرَ ويُضادُّه، ومنْ ذلكَ: لفظُ «الظَّنِّ»، حيثُ يُستعملُ عندَ العربِ للشَّكِّ واليقينِ.
وقدْ وردَ في القرآن بالمعنيين، في موضعينِ مختلفينِ، قال ابنُ الأنباريِّ (ت: ٣٢٨): «فأمَّا معنى الشَّكِّ فأكثرُ من أن تُحصَى شواهدُه. وأمَّا معنى اليقين، فمنه قولُ اللهِ عزّ وجل: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ [الجن: ١٢]، معناه: عَلِمْنَا. وقالَ جَلَّ اسمُهُ: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا﴾ [الكهف: ٥٣]، معناه: فَعَلِمُوا بغيرِ شَكٍّ...» (١).
والمقصودُ أنَّ هذا اللَّفظَ، وإنْ كانَ من الأضدادِ، لم يقعْ بين المفسِّرينَ خلافٌ فيه في موضعٍ واحدٍ.
أمَّا أمثلةُ أحرفِ الأضدادِ التي وقعَ فيها خلافٌ، فمنها:
١ - اختلفَ المفسِّرونَ في لفظِ «القُرْءِ» في قولِه تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، على قولينِ:
القولُ الأولُ: الحَيضُ.
وبه قالَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ (ت: ٢٣)، وعَلِيُّ بن أبي طالبٍ (ت: ٤٠)، وعبد اللهِ بنُ مسعود (ت: ٣٥)، وأبو مُوسَى الأشعريُّ (ت: ٤٤)، وأُبَيُّ بنُ كعبٍ (ت: ٣٢)، وابنُ عباس (ت: ٦٨)، وسعيدُ بن جبيرٍ (ت: ٩٤)، ومجاهدٌ (ت: ١٠٤)، والضَّحَّاكُ (ت: ١٠٥)، وعكرمةُ (ت: ١٠٥)، وقتادةُ (ت: ١١٧)، والسُّدِّيُّ (ت: ١٢٨)، وغيرهم (٢).
_________
(١) الأضداد، لابن الأنباري (ص: ١٤). وينظر: الأضداد، لقطرب (ص: ٧١)، والأضداد للأصمعي (ص: ٣٤)، والأضداد، لابن السِّكِّيت (ص: ١٨٨) [كلاهما ضمن ثلاثة كتب في الأضداد، تحقيق: أوغست هفنر]، والأضداد، لأبي حاتم، تحقيق: الدكتور محمد عودة أبو جري (ص: ٨٤).
(٢) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٤: ٥٠٠ - ٥٠٦)، وتفسير ابن أبي حاتم، تحقيق: أسعد محمد الطيب (٢: ٤١٥).