تمهيد
أنزلَ اللهُ القرآنَ عربيًّا على قومٍ عربٍ، فخاطبَهم بما يعقلون عنه من لغتِهِم؛ كما قالَ أبو عبيدة (ت: ٢١٠): «ففي القرآنِ ما في الكلامِ العربي من الغريبِ والمعاني، ومن المحتملِ من مجازِ ما اختُصِرَ، ومجازِ ما حُذِفَ، ومجاز ما كُفَّ عن خبرِهِ، ومجاز ما جاء لفظُهُ لفظَ الواحدِ ووقعَ على الجمعِ، ومجاز ما جاء على الجمع ووقع معناه على الاثنين...» (١).
وقال ابن قتيبة (ت: ٢٧٦) (٢): «القرآنُ نزلَ بألفاظِ العربِ ومعانيها، ومذاهبِها في الإيجازِ والاختصارِ، والإطالةِ والتوكيدِ، والإشارةِ إلى الشَّيءِ، وإغماضِ بعضِ المعاني حتى لا يظهرَ عليه إلا اللَّقِنُ (٣)، وإظهارِ بعضِها، وضربِ الأمثالِ لما خَفِيَ» (٤).
_________
(١) مجاز القرآن، لأبي عبيدة معمر بن المثنى، تحقيق: الدكتور فؤاد سزكين (١: ١٨)، وانظر (١: ٨ - ١٧).
(٢) محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة، أبو محمد الدينوري، الكاتب، اللغوي، كان من أهل السنَّةِ، وأخذ عن أبي حاتم وابن درستويه، له مؤلفات حافلة في اللغة والشعر والتفسير، ومنها: تأويل مشكل القرآن، وغريب القرآن، وهما مطبوعان. وتوفي سنة (٢٧٦). انظر: نزهة الألباء (ص: ١٥٩ - ١٦١)، وإنباه الرواة (٢: ١٤٣ - ١٤٧).
(٣) اللَّقِنُ: سريع الفهم.
(٤) تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر (ص: ٨٦)، وانظر: (ص: ٢٠ - ٢١، ٨٢، ٢٣٥).
وقد ذكر هذه القضية كثير من العلماء، وهي مما اتفقوا عليه، وانظر في النصِّ عليها: الكتاب، لسيبويه، طبعة: بولاق (١: ١٦٦ - ١٦٧)، وتفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٤: ٢٨٧)، والصاحبي في فقه اللغة، تحقيق: السيد أحمد صقر (ص: ٣٢٣).