إلاَّ عنِ المفسِّرينَ (١)، ومنْ أمثلةِ ذلكَ:
١ - التَّفَثُ في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩]، فقدْ ذكرَ أبو جعفر النَّحاسُ (ت: ٣٣٨) قولَ ابنِ عباسٍ (ت: ٦٨): «التَّفَثُ: الحَلْقُ والتَّقصيرُ، والرَّمْيُ، والذَّبحُ، والأخذُ منَ الشارِبِ واللِّحْيَةِ، ونتفُ الإبطِ، وقَصُّ الأظافرِ».
ثمَّ قالَ أبو جعفر النَّحاسُ (ت: ٣٣٨): «وكذلكَ هو عندَ جميعِ أهلِ التَّفسيرِ؛ أي: الخروجُ منَ الإحرامِ إلى الحِلِّ. لا يعرفُه أهلُ اللُّغةِ إلاَّ منَ التَّفسيرِ» (٢).
٢ - الرَّبَّانِيُّونَ في مثل قولِه تعالى: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِّيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ٧٩]. قالَ أبو عبيدةَ (ت: ٢١٠): «لَمْ يَعرفوا الرَّبَّانِيِّينَ» (٣).
يقصدُ أبو عبيدةَ (ت: ٢١٠) بقوله: «لم يعرفوا»: أهلَ اللغةِ، قالَ أبو عبيدٍ القاسمُ بنُ سلامٍ (ت: ٢٢٤): «وأحسبُ الكلمةَ ليستْ بعربيةٍ، إنما هي عَبْرَانِيَّةٌ (٤)
_________
(١) ينظر مثلاً ما ذكره ابن دريد في جمهرة اللغة من تفسير السَّكَرِ بالخلِّ، في قول الله تعالى: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَناً﴾ [النحل: ٦٧].
(٢) معاني القرآن، للنحاس (٤: ٤٠٢)، وينظر: تهذيب اللغة (١٤: ٢٦٦).
(٣) مجاز القرآن (١: ٩٧).
(٤) العبرانيَّةُ لسانُ بني إسرائيل، وهي من مادة «عبر» ويظهرُ أنَّها مرادفَةٌ لمعنى البَدْوِ، ومما يدلُّ على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾ [يوسف: ١٠٠]، فهم كانوا في باديةِ أهل الشامِ، ومعنى العبراني: العابر؛ كعابر السبيل، فهم يعبرون الصحراء، وليسوا من أهل القرى المقيمين فيها، وتأمَّل تقارب هذا المعنى في العبراني، مع معنى الأعراب؛ أي: سكَّان الصحراء.
وفي قاموس الكتاب المقدس إشارة إلى ذلك، فقد جاء فيه (ص: ٥٩٦): «عبرانيون: هم أحد فروع الدوحة السامية، ويُنسب اسمهم إلى عابر، أحد أجداد إبراهيم الذي أتى بهم إلى فلسطين، وقد منحهم اللقب الكنعانيون، إذ سمَّوا إبراهيم: إبرام العبراني، بعد أن عبر نهر الفرات إلى فلسطين».
وهم يزعمونَ في معنى هذا الاسم أنَّه نسبة إلى عابر جدِّ إبراهيم (ينظر مثلاً: قاموس =