القولُ الأوَّلُ: الإبلُ العِطاشُ.
وردَ ذلكَ عن ابنِ عبَّاسٍ (ت: ٦٨)، ومجاهدٍ (ت: ١٠٤)، وعكرمةَ (ت: ١٠٥)، والضَّحَّاكِ (ت: ١٠٥)، وقتادةَ (ت: ١١٧) (١).
القولُ الثاني: الرَّملُ، ورد ذلك عن سفيانَ الثَّوريِّ (ت: ١٦١) (٢).
ومرجعُ الخلافِ في هذا التَّفسيرِ إلى الاحتمالِ اللُّغويِّ في كلمةِ الهِيمِ؛ لأنها تحتملُ هذا وذاك على سبيلِ الاشتراكِ اللُّغويِّ في المدلولِ.
ومن ثَمَّ، فاختيارُ المفسِّرِ أحدَ المعنيينِ المحتملينِ اجتهادٌ منه، وهو راجعٌ إلى الاستدلالِ. والله أعلم.
والمقصودُ أنَّ السَّلفَ من الصحابةِ والتَّابعينَ وأتباعِهم كانوا يرجعون إلى لغتِهم العربيَّةِ لبيانِ القرآنِ، حيثُ كانت أحدَ مصادرِهِم التي يعتمدونَ عليها في التَّفسيرِ.
ويرد هاهنا سؤالٌ: هل وردَ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم تفسيرٌ لغويٌ؟
لقد استقرأتُ التَّفسير النَّبويَّ (٣) للقرآنِ الكريمِ، ووجدتُ أنَّه صلّى الله عليه وسلّم لم يفسرْ
_________
(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧: ١٩٥ - ١٩٦).
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧: ١٩٦).
(٣) التفسير النبوي: ما نصَّ فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم على التفسير صراحةً؛ كالمثالين المذكورين في النصِّ، وقد يكون ذلك ابتداءً من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد يكون إثر سؤال من أحد الصحابة. أما ما عدا ذلك فإنه يُعَدُّ تفسيراً بالسنةِ، وهو يشمل كلَّ إفادةٍ يستفيدها المفسر من السنة النبوية، سواءً أكانت قولاً، أم فعلاً، أم تقريراً، ومثل ذلك ما يذكره بعض المفسرين من أحاديث تناسب معنى الآية، مع أن الحديث لم يرد تفسيراً صريحاً من النبي صلّى الله عليه وسلّم للآية، ومثال ذلك ما ورد في تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧: ٦٥ - ٦٦) عن ابن عباس في تفسير «اللمم» من قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ﴾ [النجم: ٣٢]، قال: «ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: إن الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزنى، أدركه ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدِّق ذلك =