ومن أبرزِ نتائجِ هذا البحثِ التي يحسنُ تدوينُها:
* أنَّ مفسِّري السلفَ قد سبقوا اللُّغويِّينَ في التفسيرِ عموماً، وهذه النتيجةُ مع يسرِها وسهولتِها، تجدُ من يغفلُ عنها عندَ بحثِه عن معاني ألفاظ القرآنِ، أو ألفاظِ اللُّغةِ، ويعمدُ إلى أقوالِ اللُّغويِّين الذين تأخروا عنهم وجاءوا بعدهم، وهذا فيه من القصورِ في البحثِ ما فيه.
* أنَّ التَّفسيرَ اللُّغويَّ جزءٌ من علمِ التَّفسيرِ، ولذا لا يمكنُ أن يخلوَ منه كتابٌ في التَّفسيرِ، إلاَّ أنْ يكونَ من التَّفاسيرِ المنحرفةِ التي لا تعتمدُ على لغةِ العربِ في بيانِ القرآنِ؛ كتفاسيرِ الباطنيَّةِ والصُّوفيَّةِ والفلاسفةِ وغيرها.
وأنَّه من أكبرِ مصادرِ التَّفسيرِ، وهذا ظاهرٌ لمنْ يقرأُ مدوَّناتِ التَّفسيرِ؛ كتفسيرِ الطَّبريِّ (ت: ٣١٠)، وتفسيرِ ابن عطيَّةَ (ت: ٥٤٢) وغيرِهما.
وهذا يعني أنَّ المفسِّرَ يحتاجُ إلى تعلُّمِ اللُّغةِ خاصَّةً، ليُفيدَ في تفسيرِ القرآنِ، وفي بيانِ وجهةِ كثيرٍ من أقوالِ المفسِّرينَ، وفي بيانِ خطأ من خالفَ لغةِ العربِ وفسَّرَ بما لا يوجدُ فيها.
ولقدْ كانَ الطبريُّ بتحريراتِه اللُّغويَّةِ من أبرزِ المفسِّرينَ الذين يمكنُ أن
_________
= أشياء من كلام العرب، لم يصل إليها النحاة ولا اللغويون، فإن كلام العرب متسع جداً، والنظر فيه متشعب، فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة، دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي، واستقراءٍ زائد على استقراء اللغوي.
مثاله: دلالة صيغة «اِفعل» على الوجوب و «لا تفعل» على التحريم، وكون «كل وأخواتها» للعموم، وما أشبه ذلك مما ذكر السائل أنه من اللغة، ولو فتشت كتب اللغة لم تجد فيها شفاءً في ذلك، ولا تعرُّضاً لما ذكره الأصوليون، وكذلك كتب النحو، لو طلبت معنى الاستثناء، وأن الإخراج، هل هو قبل الحكم أو بعد الحكم؟ ونحو ذلك من الدقائق التي تعرَّض لها الأصوليون، وأخذوها باستقراء خاصٍّ من كلام العرب، وأدلة خاصة لا تقتضيها صناعة النَّحو، فهذا ونحوه مما تكفَّل به أصول الفقه...». الإبهاج شرح المنهاج، للسبكي، تحقيق د. شعبان محمد إسماعيل (١: ٧ - ٨)، نشر مكتبة الكليات الأزهرية، ط١، ١٤٠١ - ١٩٨١.


الصفحة التالية
Icon