المتأخرين إسقاط رأسهما كما أسقط بعض الألف الدالة على الفتحة، وفي كلام "الداني"١، وغيره ما يشعر به، وعليه العمل عندنا إلا أن الياء يسقط رأسها بالكلية، وتسقط نقطتاها وتبقى جرتها فقط، وأما الواو فيسقط من رأسها الدارة فقط، ويكون شكلها معوجا، واعلم أن الحركات الثلاث المتقدمة شاملة لحركات البناء، والإعراب، وغيرهما كحركات انتقال الساكنين والاتباع، والنقل فضبطها كلها واحد، ولذلك اقتصر "أبو الأسود"٢ في قضيته المتقدمة على الحركات الثلاث، وتبعه الداني، والناظم في ذلك، وفي تقديم الفتحة على الضمة والضمة على الكسرة، ومن قضيته أخذت أسماء هذه الحركات ومحلها، وقول الناظم "فوقا" بالنصب مع عدم التنوين على نية لفظ المضاف إليه، وألفه للإطلاق، ثم قال:
تمت إن أتبعتها تنوينا | فزد إليها مثلها تبيينا |
لما فرغ من الكلام على الحركات الثلاث أتبعها بالكلام على التنوين اقتداء بأبي الأسود، والضمير في قوله: "أتبعتها" و"إليها" و"مثلها" يعود على الحركات الثلاث، أي إن أتبعت الحركات الثلاث تنوينا بأن نطقت به بعدها، فزد إليها مثلها بأن تزيد إلى الفتحة فتحة أخرى، وإلى الضمة ضمة أخرى، وإلى الكسرة كسرة أخرى، لأجل أن تبين ذلك أن بعد الحركة في اللفظ نونا تسمى تنوينا، ولما كانت هذه النون لا تأتي إلا بعد تمام الكلمة، وكان غيرها لا يأتي كذلك بل يأتي في أول الكلمة، أو وسطها أو متمما لها، فرق بينهما في التعبير فقيل لما هو من نفس الكلمة نون على الأصل، وعبر عن هذه بالتنوين تنبيها على ذلك، ولما حصل الفرق بينهما في التعبير جاء الخط تابعا لذلك، فرسم ما هو من نفس الكلمة نونا على الأصل، ولم يرسم التنوين، ولما لم يرسم احتاج أهل الضبط إلى أن يجعلوا له علامة تنبه عليه، وكان الأنسب أن ينبه عليه بعلامة سكون لكونه ساكنا، لكنهم جعلوا له علامة كعلامة الحركة لكونه ملازما لها بحيث لا يأتي بعدها، ولكنه مشابها لها في الثبوت وصلا والحذف وقفا، وقول الناظم "ثمت" حرف عطف زيدت عليها التاء المفتوحة لتأنيث اللفظ، وقوله: "تبيينا" مفعول لأجله علة لقوله: "زد".