لكون الضبط مبنيا على الوصل كما قدمناه، الوجه الثاني: مثله وتلحق الألف حمراء بعد الهمزة وتجعل علامتا النصب، والتنوين على الألف الحمراء بناء على القول المتقدم، الوجه الثالث: جعل الألف الحمراء قبل الكحلاء، والهمزة بينهما، وعلامتي النصب والتنوين على الألف الكحلاء، فألف التنوين مرسوم في هذا الوجه، وملحق بالحمراء في الوجه الذي قبله، فصح أن يكون نحو "ماء" مثالًا للقسمين، و"إن" الواقعة بعد قوله: "سواء" وبعد قوله: "أو" يصح أن تكون بفتح الهمزة على أنها مصدرية، ويصح أن تكون بكسرها على أنها زائدة، وجملة قوله: و"هو ملحق" في محل الحال من فاعل "جاء" الذي هو ضمير الألف أي سواء في ذلك رسمه، ومجيئه ملحقا، ثم قال:

وإن يكون ياء كنحو مفترى هما على الياء كذا النص سرى
يعني وإن يكن الألف المرقوف عليه في الاسم المنون مكتوبا في الخط ياء، فإنك تضع علامتي النصب، والتنوين على الياء كما تضعها على الألف في نحو: ﴿عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ ١، ثم لذلك بقوله كنحو: ﴿مُفْتَرىً﴾ يعني من كل اسم مقصور منون رسمت ألفه ياء سواء كان مرفوعا نحو: ﴿مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً﴾ ٢، أو منصوبا نحو: ﴿سَمِعْنَا فَتىً﴾ ٣ أو مجرورا نحو: ﴿فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ﴾ ٤ وأصل: ﴿مُفْتَرىً﴾ "مفترى" بفتح الراء، وتنوين الياء تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت "ألفا" فالتقى ساكنان: الألف والتنوين، فحذفت ما سبق وهو الألف، وهكذا يقال فيما أشبهه.
واختلف في ألف هذا النوع الملفوظ بها في الوقف فقال "المازني"٥: هي ألف التنوين مطلقا، وقال "الكسائي"٦: هي المنقلبة عن الياء مطلقا، وقال "سيبويه"٧: بالتفصيل قياسا على الصحيح، ففي المنصوب هي ألف التنوين، وفي غيره هي بدل الياء.
١ سورة النساء: ٤/ ١١.
٢ سورة القصص: ٢٨/ ٦٣.
٣ سورة الأنبياء: ٢١/ ٦٠.
٤ سورة الحشر: ٥٩/ ١٤.
٥ المازني: هو أبو عثمان بكر عالم نحوي لغوي من أهل البصرة، أخذ عن الأخفش الأوسط، وروى عن أبي عبيدة والأصمعي، وله كتاب ما يحلف فيه العامة، ترجمته في الأعلام ص: ٦٢٨.
٦ الكسائي: هو علي بن حمزة أحد القراء السبعة، كان عالما بالنحو والقراءات، ترجمته في مقدمة فقه اللغة للثعالبي ص: ١٧.
٧ سيبويه: هو أبو بشر عمر الحارثي، وسيبويه لقب فارسي، معناه رائحة التفاح، كان أعلم المتقدمين، والمتأخرين بالنحو، أخذ عن الخليل، نفس المصدر ص: ٢١.


الصفحة التالية
Icon