وسكون الباء وبعدها تاء على أنه فعل ماض وفاعل، ولفظه لفظ الخبر ومعناه الطلب أي ركبهما، وفي بعض الروايات بكسر الكاف، وفتح الباء بعدها نون التوكيد الخفيفة ومعناه ظاهر، وبمثل هذين الوجهين يروى قوله: "أتبعتهما"، ثم قال:
والشد بعد في هجاء لم نرا... وغيره فعره كيف جرا
ذكر في الشطر الأول من هذا البيت أن التنوين إذا وقع بعده حرف من الحروف المجموعة في هجاء "لم نر"، وهي أربعة: اللام والميم، والنون، والراء نحو: ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ ١، ﴿هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ﴾ ٢، ﴿يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ ٣، ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ٤، فإن ذلك الحرف يشدد بعلامة التشديد الآتية في الباب الذي بعد هذا، ثم أمر بتعرية غير الأحرف الأربعة، يعني من علامة التشديد كيف جرى ذلك الغير على لسانك في التلاوة، أي سواء كان مما يظهر عنده التنوين هو حروف الحلق الستة المتقدمة نحو: ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ٥، أو مما يقلب عنده التنوين وهو الباء نحو: ﴿عَلِيمٌ بِمَا﴾ ٦، أو مما يدغم عنده التنوين إدغاما ناقصا، وهو الياء والواو نحو: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ ٧، أو مما يدغم عنده التنوين، وهو الحروف الخمسة عشر الباقية نحو: ﴿غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ ٨، فهذه كلها تعرى من علامة التشديد، وأما الحركة فلا تعرى منها بل لا بد من وضعها إذ لا موجب لذهابها، ووجه تشديد حروف "لم نر" بعد التنوين التنبيه على التنوين أدغم في ذلك الحرف إدغاما تاما قلب لأجله التنوين، وصار من جنس ذلك الحرف، ولأجل ذلك سمي هذا النوع بالإدغام الخالص، ولما لم يدغم التنوين في غير هذه الأحرف الأربعة إدغاما تاما عري ذلك الغير من علامة التشديد تنبيها على ذلك، وقوله: و"الشد" مبتدأ على حذف مضاف أي، وعلامة التشديد تنبيها على ذلك، وقوله: و"الشد" مبتدأ على حذف مضاف أي وعلامة، و"في هجاء" خبره، و"في" بمعنى "على" وقوله: "بعد" أي بعد التنوين حال من "هجاء لم نر"، والفاء في قوله: "فعره" زائدة والألف في "نرا" لإطلاق، ثم قال:

١ سورة البقرة: ٢/ ٢.
٢ سورة البقرة: ٢/ ٥.
٣ سورة الغاشية: ٨٨/ ٨.
٤ سورة البقرة: ٢/ ١٧٣.
٥ سورة الأنفال: ٩/ ٢٨.
٦ سورة يوسف: ١٢/ ٩.
٧ سورة النازعات: ٧٩/ ٨.
٨ سورة فاطر: ٣٥/ ٣٤.


الصفحة التالية
Icon