السابق وهو تعرية غير هجاء "لم نر"، ولا يصح عود اسم الإشارة من قوله: "هذا مشدد وهذا خفا" على مدغم ومخفي، وإنما يعود على ما دل عليه مدغم، ومخفي وهو المدغم فيه والمخفي عنده، وقوله: "خفا" فعل ماض مفتوح الأول ولا يصح ضمه؛ لأنه لازم، ولا يبنى للنائب إلا المتعدي وألفه للإطلاق، ثم قال:

وعوضن إن شئت ميما صغرى منه لباء إذ بذاك يقرى
يعني أن التنوين إذا لقي الباء نحو: ﴿عَلِيمٌ بِمَا﴾ ١ جاز فيه وجهان: أحدهما أن تجعل علامته كعلامة الحركة، وتتبعها لها على ما تقدم في قوله: "وقبل ما سراه أتبعتهما"؛ لأن الباء داخلة فيما سوى حروف الحلق، الوجه الثاني: أن تعوض منه ميما صغرى أي تجعل ميما صغيرة عوضا من علامة التنوين، وأشار بقوله: "إن شئت" إلى أنك مخير في هذين الوجهين، وعلل الوجه الثاني بقوله: "إذ بذاك يقرا" أي؛ لأن التنوين عند الباء يقلب ميما في القراءة، فيكون تصويره ميما في الضبط مشعرا بذلك، واقتصر الداني في المحكم على الوجه الأول، وذكر "أبو داود" الوجهين، واختار الوجه الثاني وبه جرى عملنا، وإذا صورت التنوين ميما فلا تجعل عليها علامة السكون؛ لأنها بمنزلة الحركة الدالة على التنوين، فكما أن السكون لا يجعل على الحركة لا يجعل على ما تنزل منزلتها، واللام في قوله: "لباء" بمعنى "عند"، وقوله "يقرا" يصح ضبطه بالياء المضمومة، فيكون فيه مستتر عائد على التنوين، ويصح ضبطه بالتاء المفتوحة على الخطاب أي تقرا أنت، وألفه على كلا الضبطين مبدلة من الهمزة، ثم قال:
وَحُكْمُ نُونٍ سَكَنَتْ أن تُلْقِي سكونها عند حروف الحلْقِ
لما فرغ من أحكام التنوين في أكثر الأحكام، فأشار في هذا البيت إلى أن حكم النون الساكنة، إذا لقيها أحد حروف الحلق الستة، أن تلقي على النون أي تضع عليها علامة السكون الآتية، إشارة إلى أن النون عند حروف الحلق مظهرة في اللفظ لبعد مخرجها من مخرجهن، كما أن تركيب التنوين عند حروف الحلق إشارة إلى ذلك على ما قدمناه، فتصوير السكون هنا بمنزلة التركيب في التنوين، ولا فرق في ذلك بين أن تكون
١ سورة يوسف: ١٢/ ٩.


الصفحة التالية
Icon