مظهرة حينئذ، وظاهر كلام الناظم تعريتها لعمومه، وسيذكر وجها آخر في النون عند الواو، والياء المنفصلين عنها وهو إثبات علامة سكونها، وإنما عريت النون عند ما سوى الحرف الحلقي إشارة إلى قربها مما بعدها في المخرج حتى أدغمت في بعض، وقلبت عند بعض وأخفيت عند بعض، كما أن اتباع التنوين إشارة إلى ذلك على ما قدمناه، فتعرية النون هنا بمنزلة الاتباع في النون، وأشار بقوله: "وإن تشأ صورت ميما صغرى من قبل ياء"، إلا أن النون الساكنة إذا لقيت الباء نحو: ﴿مِنْ بَعْدِ﴾ ١ جاز لك فيها وجهان: أحدهما تعريتها من علامة السكون حسبما دل عليه العموم السابق، وهذا الوجه هو اختيار الداني، الوجه الثاني أن تصور ميما صغيرة تنبيها على أن النون انقلبت في اللفظ ميما لمؤاخاتها للنون في الغنة، وقربها من الباء في المخرج، وهذا الوجه هو اختيار أبي داود وبه جرى العمل، وتوضع تلك الميم على النون في مكان السكون على ما نص عليه أبو داود وبه العمل، ولا تجعل على الميم علامة السكون كما قدمناه في التنوين عند الباء، وقوله: "ثم شد يلزم" إلخ، يعني به أن وضع علامة التشديد يلزم في كل حرف يدغم فيه التنوين إدغاما خالصا في اللفظ، ويشدد بعد التنوين في الضبط، وذلك حروف "لم نر" المتقدمة في قوله "والشد بعد في هجاء لم نر"، وأمثلتها بعد النون: ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾ ٢، ﴿مِنْ مَاءٍ﴾ ٣، ﴿مِنْ نِعْمَةٍ﴾ ٤، ﴿مِنْ رِزْقِ﴾ ٥، ووجه تشديدها بعد النون التنبيه على أنها أدغمت فيها النون إدغاما تاما كما تقدم في التنوين، وفهم من كلام الناظم أن ما عدا حروف "لم نر"، لا تجعل عليه علامة التشديد بعد النون الساكنة، وهو كذلك إلا الواو والياء، فسيتكلم عليهما في البيتين بعده.
تنبيه: لم يتعرض الناظم ولا غيره إلى ضبط الميم عند الباء نحو: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ ٦، والذي جرى به عملنا أن ضبطها كضبط النون الساكنة عند حروف الإخفاء، وهو أن تعرى من علامة السكون، ولا تجعل علامة التشديد على الباء، وهذا مبني على أن حكم الميم الساكنة عند الباء الإخفاء مع الغنة، وهو المختار عند المحققين من أهل الأداء لجميع القراء، وأخذ كثير من أهل الأداء فيها بالإظهار التام لجميع القراء، والضمير في

١ سوة الأنعام: ٦/ ٢٩.
٢ سورة سبأ: ٣٤/ ١٢.
٣ سورة الطارق: ٨٦/ ٦.
٤ سورة النحل: ١٦/ ٥٣.
٥ سورة البقرة: ٢/ ٦٠.
٦ سورة البقرة: ٢/ ٨.


الصفحة التالية
Icon