للشين مزية استوجب بها القرب من الحرف، وأما الكسرة فلم تتوارد مع الشين على محل واحد؛ لأنها توضع من أسفل، ومثلها الضمة على القول بجعلها أمام الحرف، وقول الناظم "أو تحت" أصله، أو تحته أي الحرف، فحذف المضاف إليه، ونوى معناه فبناه على الضم و"أو" فيه، وفيما بعد للتنويع، ثم قال:
وبعض أهل الضبط دالا جعله... يكون إن كان بكسر أسفله
وفوقه فتحا وفي انضمامه... يكون لا امتراء من أمامه
وطرفاه فوق قآئمان... وفهي سوى الأولى منكسان
ذكر هنا علامة أخرى للتشديد، فأخبر أن بعض أهل الضبط جعل علامته دالا.
والمراد بهذا البعض نقاط مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم وهم نقاط الأندلس، وأرادوا بذلك الدال من "شد"، وكأنهم رجحوها على الشين لتكرارها في اللفظ، فصارت بذلك ثلثي الكلمة وذلك في حكم الكل، فكأنهما هي اللفظة كلها، وهذا الوجه هو اختيار الداني، ثم ذكر الناظم أن هذا الدال لا يختص بأعلى الحرف كما اختص به الشين، بل يختلف محله باختلاف الحركة، فإن كانت الحركة كسرة كان الدال تحت الحرف المشدد، وإلى هذا أشار بقوله: "يكون إن كان بكسر أسفله" أي يكون الدال أسفل الحرف إن كان الحرف محركًا بالكسر، وإن كانت الحركة فتحة كان الدال فوق الحرف المشدد، وإلى هذا أشار بقوله: "وفوقه فتحا" أي يكون الدال فوق الحرف إن كان ذا فتح، وإن كانت الحركة ضمة كان الدال أمام الحرف المشدد لا فوقه، وإلى هذا أشار بقوله: "وفي انضمامه يكون لا امتراء من أمامه"، ومعنى لا امتراء لا شك، ثم ذكر في البيت الثالث أن طرفي هذا الدال -أي جناحيه- يكونان قائمين إلى أعلى إن وضع فوق الحرف المشدد، وذلك في الفتح فقط كما تقدم، ويكونان منكسين إلى أسفل إن وضع في سوى الأعلى الذي عبر عنه بفوق، وسواه هو الإمام في الضم، والأسفل في الكسر على ما تقدم هكذا: ﴿لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ ١، ﴿بِرَبِّ﴾ ٢، ثم قال:

١ سورة الكهف: ١٨/ ٤٤.
٢ سورة طه: ٢٠/ ٧٠.


الصفحة التالية
Icon