تقدم، والأمر الثاني يرجع إلى الخط، وهو تصويرها بصورة العين دون صورة غيرها من الحروف، وإلى هذا أشار هنا في البيت الثاني، فقوله: "لأجل ذا" أي لأجل ما بين الهمزة، والعين من المناسبة المتقدمة "خطت" أي كتبت الهمزة صورة عين "عن الثقاة من الكتاب والنحاة"، والنحاة معروفون، والمراد بالكتاب هنا أصحاب الرسائل والأشعار، وأما نقاط المصاحف فمجمعون على جعل الهمزة نقطة كانت لها صورة في المصحف أو لا، نعم جرى العمل بجعل الهمزة المحققة عينا في ألواح التعليم، وقوله: "عن الثقاة" هو في بعض النسخ بالثاء المثلثة جمع ثقة وهو العدل المأمون، وفي بعضها بالتاء المثناة فوق جمع ناق بمعنى تقي. ثم قال:

فقيل: صورة للأولى منهما... وقيل: بل هي إلى ثانيهما
وكل ما من همزتين وردا في كلمة بصورة قد أفردا
يعني أنه إذا اجتمع همزتان في كلمة، وليس فيها إلا صورة واحد فقد اختلف هل تلك الصورة للهمزة الأولى أو للهمزة الثانية، ودخل في عموم كلامه الهمزتان المفتوحتان نحو: ﴿أَأَسْجُدُ﴾ ١، و ﴿ءالله﴾ ٢، والمفتوحة فالمضمومة نحو ﴿آمَنَ﴾ ٣، ودخل فيه أيضا ما اجتمع فيه ثلاث همزات نحو: ﴿أَآلِهَتُنَا﴾ ٤ الواقع في "الزخرف"، فإنك إذا قطعت النظر عن الثالثة كان الأولياء داخلتين في قسم المفتوحة فالساكنة، وقوله: "فقيل صورة للأولى منهما"، هو مذهب الفراء، وعلل بتصدرها وبأنها جيء بها لمعنى في الأكثر، وقوله: "وقيل بل هي إلى ثانيهما" هو مذهب الكسائي، وعلل بأن الأولى زائدة دائما فهي أولى بحذف صورتها، وأخذ النقاط بالقولين على ما سيتبين مما بعد، واحترز بقوله: "بصورة قد أفردا" مما فيه صورتان وذلك: ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ﴾ ٥ وباب: ﴿أَإِفْكًا﴾ ٦ فإن حكمها مخالف لحكم هذا الفصل، وقد ذكر المتقدمون فيهما وجهين على قراءة من سهل الهمزة الثانية: الوجه الأول: جعل دارة ووجهه على التحقيق أن النقطة علامة الهمزة المسهلة، والدارة لتوهم زيادة الواو والياء؛ لأن قائل ذلك يرى أن هذا الموضع ليس
١ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١.
٢ سورة يوسف: ١٢/ ٥٩.
٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥.
٤ سورة هود: ١١/ ٥٣.
٥ ورة آل عمران: ٣/ ١٥.
٦ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦.


الصفحة التالية
Icon