في الصورة لو صورت الهمزتان معا، فيدخل في ذلك ما كانت همزتاه مفتوحتين نحو: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ ١، و ﴿اللَّهُ﴾ ٢، وما كان الثانية فيه ساكنة نحو: ﴿آمَنَ﴾ ٣، ولو حملنا كلامه على المتفقتين في الحركة للزم خروج القسم الثاني من هذا النوع، ودخوله في النوع الثاني، وذلك مخالف لما عند النقاط، والمذهب الأول الذي هو مذهب الفراء، وهو ما دل عليه قوله المتقدم: "فقيل صورة للأولى منهما" اختاروه في نوع الهمزتين المختلفتين، ومراده أيضا بالمختلفتين هنا المختلفتان في الصورة لو صورت الهمزتان معا، فيخرج منه حينئذ ما كانت فيه الثانية ساكنة، ويدخل فيه باب: ﴿أَإِلَهٌ﴾ ٤ وباب: ﴿أَأُنْزِلَ﴾ ٥ مما لم يصور فيه إلا إحدى الهمزتين، وقوله: و"أول الوجهين" مبتدأ خبره محذوف تقديره: "اختير" دخل عليه "اختير" الأول، ومراده بالوجهين المذهبان المتقدمان، ثم قال:

ففي اتفاق تجعل المبينة من قبلها وفوقها الملينة
ذكر في هذا البيت، وما بعده النقط المسبب على الاختيار الذي قدمه، فأشار في هذا البيت إلى أنك إذا بنيت على مذهب الكسائي، الذي هو المختار عند النقاط في نوع الهمزتين المتفقتين نحو: ﴿أَنْتَ﴾ ٦، ﴿آللَّهُ﴾ ٧، فكيفية النقط فيه أن تجعل الهمزة المحققة -وهي التي عبر عنها بالمبينة- نقطة صفراء قبل الصورة التي هي الألف، وتجعل على الألف علامة الهمزة المسهلة بين بين التي عبر عنها بالملينة نقطة حمراء.
فإن قلت: أطلق الناظم في هذا النقط، فظاهر كلامه أنه يجري على قراءة التسهيل بين بين، وعلى قراءة البدل حرف مد، وليس كذلك عند أهل النقط بل هو عندهم خاص بقراءة التسهيل بين بين، فالجواب إنما فعل ذلك اتكالًا على ما تقدم له من أن علامة التسهيل إنما تجعل للمسهل بين بين، أو بالبدل حرفا محركا دون ما أبدل حرف مد، ولذلك لا يرد عليه ما كانت الثانية فيه ساكنة من هذا القسم نحو: ﴿آمَنَ﴾ ٨، فكأنه يقول:
اجعل الأولى من المتفقتين -وهي المحققة التي عبر عنها بالمبينة- نقطة صفراء قبل الألف، فلا يدخل في كلامه المبدلة حرف مد ساكنة كانت أو متحركة، وفي قوله
١ سورة البقرة: ٢/ ٦.
٢ سورة البقرة: ٢٥٥.
٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥.
٤ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤.
٥ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤.
٦ سورة آل عمران: ٣/ ٨.
٧ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩.
٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥.


الصفحة التالية
Icon