يعني، ولك أن لا تعتبر فلا تضع المد على الألف في باب: ﴿أَأَنْتَ﴾ ١، وهذا هو الوجه الثاني، وبالوجه الأول جرى العمل.
والسبب في هذين الوجهين مراعاة الأصل أو الحال، فإن روعي في باب ﴿أَأَنْتَ﴾ ٢ أصل الألف، فلا يوضع عليها المد؛ لأن أصلها همزة متحركة، وإن روعي حالها: ﴿آلْآنَ﴾ ٣ وضع المد عليها؛ لأنها حرف مد بعده سبب الإشباع، وفهم من قول الناظم: "في ءأنت" وبابه أن هذا الحكم إنما هو فيما وقع بعد الهمزة المبدلة فيه ساكن، وأما ما وقع بعدها فيه متحرك وذلك: ﴿أَأَلِدُ﴾ ٤، و ﴿أَأَمِنْتُمْ﴾ ٥ في سورة "الملك"، فلا يوضع فيه المد إذ لا سبب بعده. وقوله: "ولا تقس شا أنشره" بعده معطوف محذوف تقديره "وبابه" بدليل ما قبله.
ويعني بذلك أن ما اجتمع فيه همزتان متفقتان في كلمتين، وأخذ فيه بقراءة من يبدل الثانية منهما حرف مد ووجد بعده ساكن كـ ﴿شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ ٦، فإنك لا تضع فيه على حرف المد المبدل من الهمزةل مدا أصلا، ولا فرق في عدم وضع المد بين المفتوحتين، وغيرهما كـ ﴿هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ﴾ ٧ أما من يراعي الأصل، فعدم نزول المد عنده ظاهر، وإذا كان المد لا ينزل عنده فيما كان من كلمة واحدة، فأحرى ما كان من كلمتين، وأما من لا يراعي الأصل بل ينظر إلى الحال، فيفرق بين ما كان من كلمة وما كان من كلمتين بلزوم المد في الأول وصلا، ووفقا، وعدم لزومه في الثاني إذ لا وجود له في الوقف فيه.
فإن قلت: قد تقرر عند أرباب هذا الفن أن النقط مبني على الوصل، فينبغي لذلك أن يجعل المد فيما كان من كلمتين لوجوده في الوصل، قلت: أجيب بأن الناظم كأنه رأى أن ذلك خاص بما بقي على أصله كالمحقق، أو نزل منزلته كالمسهل بين بين، أو بالبدل حرفا محركا، وأما ما خرج عن أصله بالكلية، فإنمت يراعى فيه اتفاق حالتي الوصل، والوقف، فلذلك منع قياسه على باب ﴿آلْآنَ﴾ ٨، ولو اتفق الوصل والوقف فإنما يراعى اتفاقهما عند من ينظر إلى الحال خاصة، ألا ترى إلى باب: ﴿أَأَنْتَ﴾ ٩ مع اتفاق حالتي الوصل، والوقف فيه لا يوضع فيه المد إذا روعي أصله كما تقدم.
٢ سورة المائدة: ٥/ ١١٦.
٣ سورة يونس: ١٠/ ٥١.
٤ سور هود: ١١/ ٧٢.
٥ سورة طه: ٢٠/ ٧١.
٦ سورة عبس: ٨٠/ ٢٢.
٧ سورة البقرة: ٢/ ٣١.
٨ سورة يونس: ١٠/ ٥١.
٩ سورة المائدة: ٥/ ١١٦.