تنبيها على كسر التنوين وذلك نحو: ﴿نُفُورًا﴾ ١، ﴿اسْتِكْبَارًا﴾ ٢، ﴿حَكِيمٌ، انْفِرُوا﴾ ٣، ﴿بِغُلامٍ اسْمُهُ﴾ ٤، فإن لم ينطق بالتنوين مكسورا بل أبقي على سكونه، وذلك في ﴿عَادًا الْأُولَى﴾ ٥ بالنجم على قراءة نافع، ومن وافقه بإدغام تنوين عادا في اللام من الأولى، فظاهر إطلاق الناظم كغيره من المتقدمين أن الحكم فيه كالمكسور، وقال المتأخرون: المعتبر حينئذ حركة ما قبل التنوين، فتجعل الصلة حينئذ فوق الألف نظرا إلى حركة الدال لا سيما، ولفظ التنوين قد ذهب بالإدغام، وبما قاله المتأخرون جرى العمل عندنا، فإن نطق بالتنوين مضموما، فالحكم ما أشار إليه بقوله: "ووسطا إن ثالثا الزمتا ضما" يعني أن ثالث حروف الكلمة التي أولها ألف وصل إذا ضم ضمة لازمة، فاجعل الصلة في وسط الألف إشعارا بأن التنوين المنطوق به قبلها مضموم، وذلك نحو: ﴿مَحْظُورًا، انْظُرْ﴾ ٦، و ﴿مُبِينٍ، اقْتُلُوا﴾ ٧ في قراءة نافع ومن وافقه بضم التنوين اتباعا للثالث، واستثقالا للخروج من كسر إلى ضم؛ لأن الساكن الفاصل بينهما في اللفظ ليس بحاجز حصين.
فتحصل: أن ألف الوصل الواقعة بعد التنوين تارة توضع الصلة في وسطها، وذلك إذا كان الثالث مضموما ضما لازما، وتارة توضع فوقها، وذلك في: ﴿عَادًا الْأُولَى﴾ ٨، وتارة توضع تحتها، وذلك فيما عدا القسمين، وخرج بضم الثالث نحو: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾ ٩؛ لأن الكلمة التي في أولها ألف الوصل، وهي أل ثنائية لا ثالث لها والحرف المضموم -وهو الميم- أول كلمة أخرى، فلذلك كسر التنوين جعلت الصلة تحت ألف الوصل لا في وسطه. وخرج بالضمة اللازمة الضمة التي لا تلزم نحو: ﴿بِغُلامٍ اسْمُهُ﴾ ١٠ إذ هي حركة إعراب تختلف بحسب العوامل، فلذلك كان التنوين معها مكسورًا، وقوله "تنون" بضم التاء وكسر الواو، فعل الشرط الذي هو "إن"، ومفعوله محذوف تقديره ما قبل ألف الوصل أي، وإن تنطق بما قبل ألف الوصل أي وإن تنطق بما قبل ألف الوصل منونا، وقوله "جعلت" جواب الشرط، ومفعوله الأول محذوف تقديره الصلة، و"تته" في محل المفعول الثاني، والهاء عائدة على ألف الوصل، و"جعلت" لفظه الخبر ومعناه الأمر، ثم قال:
٢ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٣.
٣ سورة التوبة: ٩/ ٤٠، ٤١.
٤ سورة مريم: ١٩/ ٧.
٥ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠.
٦ سورة الإسراء: ١٧/ ٢٠.
٧ سورة يوسف: ١٢/ ٨، ٩.
٨ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠.
٩ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٢٣.
١٠ سورة مريم: ١٩/ ٧.