التنبيه الثاني: قد تواتر عن النبي ﷺ أنه قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه" ١.
وقد اختلف العلماء في المراد بهذه الأحرف السبعة على نحو أربعين قولا، والذي عليه معظمهم، وصححه البيهقي، واختاره الأبهري وغيره، واقتصر عليه في القاموس أنها لغات.
ومن حكم إتيانه عليها التخفيف والتيسير على هذه الأمة في التكلم بكتابهم كما خفف عليهم في شريعتهم، وهذا كالمصرح به في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف واحد فرددت إليه أن هون على أمتي، ولم يزل يدد حتى بلغ سبعة أحرف" ٢.
ومقتضى كلام الشاطبي في العقيلة، وصرح به الجعبري، وابن الجزري في المنجد وغيرهما أن الصحف المكتوبة بإذن أبي بكر كانت مشتملة على الأحرف السبعة، وأما المصاحف العثمانية، فقد اختلفوا في اشتمالها عليها، فذهب جماعة القراء والفقهاء، والمتكلمين إلى أن جميع المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وذهب بعضهم إلى أنها مشتملة على حرف واحد، وذهب جماهير العلماء من السلف، والخلف إلى أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها ﷺ على جبريل، ولم تترك حرفا منها، وهذا القول الثالث قال في النشر هو الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة تدل عليها، "انتهى".
وقوله ليقتدي يقرأ بإسكان الياء على أن نصبه مقدر للوزن، والناصب له أن مضمرة بعد اللام.
وقوله: ولا يكون بالنصب عطف على يقتدي.
ثم قال:
فينبغي لأجل ذا أن تقتفي | مرسوم ما أصله في المصحف |
ونقتدي بفعله وما رأى | في جعله لمن يخط ملجئا |
٢ أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٥/ ١٢٧، والإمام مسلم في الصحيح: ٦/ ٣٤٩ رقم ٨٢٠.